مجلس كبار المستشارين دولة ليبيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مبادئ القانون الإداري مقدمه

اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:16 pm

مبادئ القانون الإداري
د. يوسف حسين محمد البشير
أستاذ ورئيس قسم القانون العام
كلية القانون
جامعة النيلين-السودان

بسم الله الرحمن الرحيم
مقـــــــدمة
غير خاف علي أحد أن تطوراً هاماً قد حدث منذ أوائل هذا القرن في مختلف فروع القانون، ولعل هذا التطور أبعد أثراً في مجال القانون الإداري، الذي يتناول وصف الإدارة العامة وتحليل الجهاز الذي تتألف منه، ونلحظ أن هذا الجهاز قد تضخم كثيراً في عصرنا هذا مما أدى إلي السماح للدولة بإرتياد المجالات التي كانت مقصورة علي النشاط الفردي، كما صاحب ذلك وعياً لدى الأفراد بعدم الإعتراف لسلطات الدولة الإدارية إلا بالقدر الذي يحقق لهم الرفاهية.
لما كان من سمات الدولة المعاصرة تمسكها بمبدأ سيادة حكم القانون الذي أصبح مقياس تطور الدول ومستوى رقيها. فإن القانون الإداري غايته تحقيق التوازن بين مقتضيات حسن سير المرافق العامة وحماية حقوق وحريات الأفراد.
لم يلق القانون الإداري اهتمام المؤلفين في مجال القانون السوداني، ويعزى ذلك لعدم اعتراف كليات القانون بالجامعات السودانية بمادة القانون الإداري بمعزل عن القانون الدستوري، سوى جامعة القاهرة فرع الخرطوم التي كان منهجها مرتبطاً بمنهج القانون المصري، علاوة على الخلاف حول وجود القانون الإداري في الدول التي لا تأخذ بنظام القضاء المزدوج.
وضرورة هذا المؤلف للإلمام بقواعد القانون الإداري ومتابعة حركة تطوره، وهذا لا يتأتى إلا بمواكبة أحكام القضاء لهذا التطور حيث من المعلوم أن القانون الإداري تستخلص مبادئه ونظرياته من أحكام القضاء.
ويهتم هذا المؤلف بتأصيل مبادئ ونظريات القانون الإداري في النظام الإسلامي ونتبع في ذلك منهجاً مقارناً ، واضعين في الاعتبار إختلاف المناهج المستخدمة في النظم الوضعية وأسلوب استنباط الأحكام وتقنينها في الفقه الإسلامي، حتى لا يؤدي إلي الخلط والتعارض في المصطلحات.
خطة البحث:
يحتوي هذا المؤلف علي ثلاثة أبواب، يهتم الباب الأول بالمبادئ العامة في القانون الإداري، ثم يأتي الباب الثاني شارحاً لأسس التنظيم الإداري في النظامين الوضعي والإسلامي، ويجيء الباب الثالث متناولاً نشاط الإدارة العامة ومدى الرقابة القضائية عليها.
نحمل هذه الطبعة المنقحة والمزيدة ؛ مااستجد من قواعد حاكمة للمنازعة الادارية تضمنها قانون القضاء الاداري لسنة 2005 م ؛ ولما كانت موضوعات هذا المؤلف تكتنفها الصعوبة لطبيعة (مادة القانون الاداري) واختلافها عن سائر فروع القانون الاخري اثرت ان اضمن هذه الطبعة جملة من التطبيقات وهي عبارة عن امثلة وتدريبات عملية من اجل رسم خارطة طريق للفهم وجودة التحصيل؛ اسال الله تعالي العلم النافع
آمل أن يسد هذا المؤلف بعض الفراغ في بناء نظرية القانون الإداري السوداني، وهو بمثابة لبنة أولى، أسأل الله التوفيق لكثير من الجهد في هذا المجال والله مجيب الدعاء.
د. يوسف حسين محمد البشير
أستاذ القانون العام المشارك
ام درمان- يناير 2011 م
الباب الأول
ماهية القانون الإداري
يتناول هذا الباب التمهيدي التعريف بالقانون الإداري ونشأته، ثم الأساس الذي يقوم عليه وخصائصه، ومصادره وسوف نقوم ببحث هذه المفردات السابقة إذا أمكن ذلك في النظام الإسلامي.
تعريف القانون الإداري:
القانون الاداري هو ذلك الفرع من القانون العام ويشمل مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم (الادارة العامة) تنظيماً ونشاطاً ورقابة(1) اي تلك القواعد القانونية اللتي تبين التنظيم الاداري من ناحية ؛ وتحكم نشاط هذا التنظيم من ناحية ثانية؛ وتهتم جزء منقواعده بتنظيم الرقابة القضائية لنشاط ذاك التنظيم الاداري للدولة (المنازعة الادارية) من ناحية ثالثة.
ويتحدد مدلول ( الادارة العامة) بمعيارين ؛ اولهما (مادي) ويتمثل في نشاط السلطة التنفيذية في التنفيذ اليومي للقوانين والسعي لاشباع حاجات الافراد ، وثابتهما (عضوي) يتمثل في الهئيات القائمة علي هذا النشاط والتي تتضمن الجهاز الاداري بدءا من رئيس الجمهورية والوزراء الي اصغر منسوبي الادارة المحلية(2) وعطاء علي ذلك نعتبر اعمال الادارة العامة جزاء من اعمال السلطة التنفيذية
فرئيس الجمهورية وهو عضوا في السلطة التنفيذية يقوم باعمال الحكومة واعمال الادارة في ان واحد.
والقانون الاداري بالتعريف السابق نجده في كل بلاد العالم اليوم؛ فلكل بلد من بلدان العالم في ظل الدولة الحديثة تصدر مجموعة قانونية تبين تشكيل واختصاصات الهيئات الادارية وبيان افضل وسائل التنسيق بينها للقيام بواجباتها .
المدلولان اللذان يتنازعا تعريف القانون الاداري
يتنازع تعريف القانون الاداري مدلولان اولهما المدلول الواسع للقانون الاداري وثانيهما المدلول الفني او الضيق للقانون الاداري فالمدلول الواسع للقانون الاداري هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم نشاط الادارة العامة والتي لاتختلف عن القواعد التي تحكم نشاط الافراد في دائرة القانون الخاص ؛ ويخضع رجال الادارة العامة للقضاء العادي شانهم شان سائر الافراد ؛ اي ان هناك قانون واحد يسري علي الجميع وقضاء واحد يطبق هذا القانون علي الكل افراد وادارة؛ ويجد هذا المدلول تطبيقاً في انجلترا وكافة دول الفقه الانجلوسكسونياما المدلول الفني او الضيق للقانون الاداري فهو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم نشاط الادارة العامة وتختلف عن قواعد القانون القانون الخاص التي يخضع لها الافراد؛اي انها قواعد خاصة مغايرة لتلك التي تطبق علي الافراد فيما بينهم والغرض من ذلك المحافظة علي حسن سير وتنظيم المرافق العامة تحقيقاً للمصلحة او المنفعة العامة؛ كما يخضع رجال الادارة العامة لقضاء مستقل ؛ فهناك قانونان وهناك قضاءان ويجد المدلول الفني او الضيق تطبيقاً له في فرنسا وكافة دول النظام اللاتيني.
نشأة القانون الإداري:
ترجع نشأة القانون الإداري في فرنسا حينما قامت الثورة الفرنسية في عام 1789م عندما أراد قواد الثورة تطبيق مجموعة من الإصلاحات، ولكنهم كانوا يخشون أن تقف المحاكم القضائية عقبة في سبيل هذه الإصلاحات وحجتهم أن هذه المحاكم كانت تتدخل في شئون الإدارة وأمام هذا الموقف قررت الثورة حرمان المحاكم من مراقبة أعمال الإدارة العامة واستندت في هذا إلي تفسير خاطئ لمبدأ الفصل بين السلطات مؤداة أنه لا يجوز للحاكم التدخل في أعمال الإدارة كما لا يجوز للإدارة أن تتدخل في أحكام القضاء ، بل أن رجال الثورة أعطوا الإدارة حق الفصل في المنازعات التي تكون طرفاً فيها سمىَّ هذا النظام في ذلك الوقت بإسم (الإدارة القاضية).
إلا أن هذا النظام قد وجهت له بعض العيوب أمكن تلافيها بإنشاء مجلس الدولة ومجالس الأقاليم.(1)
لذلك يمكن القول بأن فرنسا أول دولة عرفت نظام مجلس الدولة ، والذي يتمتع بإختصاص عام في المنازعات الإدارية ، ويملك حق إنشاء مبادئ وأحكام القانون الإداري ، ولقد ساعدته في هذه المهمة صلاته المستمرة بالإدارة وخبرته بطبيعة العمل الإداري التي أكتسبها من خلال أدائه لدوره كناصح أو كمستشار للإدارة.(2)
وقد نقلت مصر عن فرنسا نظام مجلس الدولة ، حيث تم إنشاء مجلس الدولة المصري علي غرار مجلس الدولة الفرنسي ولم يمنح اختصاصاً عاماً في نظر المنازعات الإدارية ، إنما قيدت النصوص القانونية الصادرة بشأنه بمسائل معينة، إلا أنه يلاحظ أن هذه النصوص المحددة لإختصاص المجلس شملت في الواقع معظم المنازعات الإدارية.(3)
القانون الإداري في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية:
نهتم بدراسة القانون الإداري في إنجلترا وأمريكا باعتبارهما ينتميان إلي الفقه الأنجلوسكسوني وهو الفقه الذي نشأ منه القانون السوداني.
كثير من الفقهاء يربطون بين وجود قضاء إداري مستقل عن القضاء العادي – له حق الفصل في المنازعات الإدارية دون التقيد بمبادئ وأحكام القانون الخاص القائم في الدولة – ووجود قانون إداري مستقل في تلك الدولة أما إذا لم يوجد مثل هذا القضاء الإداري المستقل فإن وجود قانون إداري أمر مشكوكاً فيه(4).
والقانون الإداري بالمعنى السابق، هو نظام قانوني له نظرياته الخاصة ومبادئه الخاصة التي تحكم نشاط السلطات الإدارية بوجه عام، ويقرر هذا القانون للسلطة الإدارية حقوقاً وامتيازات ليست مقررة للأفراد.
ومثل هذا القانون بالتحديد السابق لا وجود له في إنجلترا وأمريكا، للاختلاف الجوهري بين المبادئ الدستورية والقانونية التي يقوم عليها نظام الحكم والإدارة في هاتين الدولتين من ناحية وفي فرنسا من ناحية أخرى، الأمر الذي يجعل من المتعذر نشوء قانون إداري علي غرار القانون الإداري الفرنسي في كل من إنجلترا وأمريكا، ذلك لأن المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه نظام الحكم والإدارة في إنجلترا وأمريكا يقتضي إنفراد كل سلطة بوظائفها دون أن يشاركها في مباشرة هذه الوظيفة غيرها من السلطات بمعنى أن السلطة القضائية تختص بالوظيفة القضائية وتتمتع في مباشرة وظيفتها بحق السيادة وبهذه الصفة تفرض سلطاتها علي السلطة الإدارية والأفراد على السواء وفقاً لمبادئ وقواعد قانون واحدة(1).
ولكن ليس معنى ذلك أنه لا يوجد في إنجلترا أمريكا هيئة واحدة قضائية تنظر في المسائل والمنازعات الإدارية وأنه لا توجد في هاتين الدولتين قواعد قانونية تنظم السلطة الإدارية وتحدد اختصاصاتها وحقوقها وسلطاتها.
ففي أمريكا توجد جهات إدارية لها بعض الإختصاصات القضائية غير أن هذه الجهات الإدارية – تعتبر في علاقتها بالقضاء العادي مجرد محاكم درجة أولى أو محاكم ابتدائية ولا يمكن إعتبارها قضاءاً إدارياً مستقلاً عن القضاء العادي الموحد.
ومن امثلة تلك اللجان ؛ لجنة التجارة ؛ لجنة العمل الفيدرالي ؛ لجنة التامين الاجتماعي.

وفي إنجلترا توجد لجان إدارية ذات اختصاص قضائي يعهد إليها القانون بنظر بعض المسائل الإدارية وهي هيئات إدارية تنشأ للنظر في موضوع محدد ويشترك في عضويتها موظفون إداريون كما أن هذه الهيئات لا يمكن اعتبارها قضاءاً إدارياً مستقلاً.
وظهرت هذه اللجان في مجالات الزراعة والصحة والنقل والتامينات الاجتماعية وضرائب الدخل لتكون بمثابة نوع من المحاكم الادارية ؛ وتؤدي هذه اللجان مهمتها في الرقابة علي اعمال الادارة وتحت رقابة القضاء العادي الذي يختص بالنظر في الطعون التي تقدم ضد قرارات هذه اللجان استئنافاً او نقضاً ؛ولقد انشئي مجلس قومي للاشراف علي هذه اللجان مع بقائها خاضعة لرقابة القضاء العادي ؛إلا أن نظام الحكم في إنجلترا قد تطور في السنوات الأخيرة تطوراً واضحاً ، وأن التشريعات التي صدرت في هذه الفترة أدت إلي تدخل الحكومة في شئون الأفراد واتساع نطاق وظائف الدولة مما أدى إلي إنشاء محاكم ليست لها كيان مستقل(1).
القانون الإداري في السودان:
كان السودان قبل الاستقلال يتبع النظام الإنجليزي فيما يتعلق بالقانون الإداري والرقابة القضائية على الأعمال الإدارية، أما بعد الإستقلال فقد اتبع نهج
بعد الإستقلال فقد اتبع نهج
الرقابة القضائية على أعمال الإدارة. (1)ويطبق في ذلك نظاماً يتضمن نوعاً واحد من المحاكم تختص بالفصل في كافة صور المنازعات، سواء أكانت بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة ولو كانت هذه الأخيرة تتصرف بإعتبارها سلطة عامة، وتوجد محكمة عليا واحدة على رأس النظام القضائي الذي يتميز بالوحدة لا بالإزدواج وتطبق المحاكم في السودان علي نشاط الإدارة نفس القواعد التي تحكم نشاط الأفراد.
إلا أن هذا لا يجعلنا نكرر العبارة التي تقول أن القانون الإداري يدور مع وجود قضاء إداري مستقل كما هو حادث في الفقه اللاتيني ، فلا أحد يستطيع أن ينفي وجود القانون الإداري في ظل الدولة الحديثة، فالسودان يعرف القانون الإداري بالمعنى الضيق أو الفني، ذلك لأن القانون السوداني يعرف المنازعة الإدارية ويميزها عن سائر أنواع المنازعات ويخصها بأحكام تتميز في كثير من الحالات عن قواعد القانون الخاص(2)، وذلك في ظل القضاء الموحد بإنشاء دوائر مختلفة تختص كل منها بنوع من أنواع المنازعات علي مستوى المحكمة العليا الإتحادية أو الولائية.
وإلي جانب المحاكم العادية التي تفصل في المنازعات الإدارية توجد اللجان الخاصة، والتي تفصل في أمور فنية ذات طبيعة خاصة تقتضي إلماماً بأمور ليست في متناول المحكمة العادية، وهذه اللجان لها دور أشبه بدور المحاكم في الفصل في المنازعات وجاء تشكيل هذه اللجان الخاصة لكثرة القوانين المتعلقة بالنشاط الإداري مثل الإسكان وتخطيط الأراضي وتوزيعها والنزاعات العمالية والمسائل المتعلقة بالتأمينات الإجتماعية ولجنة استئناف العاملين بالخدمة العامة فيما يتعلق بتطبيق قوانين الخدمة العامة، والتي خلفها ديوان العدالة للعاملين بالخدمة العامة(1)، وتخضع هذه اللجان الخاصة للرقابة القضائية في ظل القضاء الموحد بحيث يمكن للمتظلم أن يستأنف قرار هذه اللجان أمام المحاكم ذات الاختصاص في الفصل في الطعون الإدارية وفق قانون القضاء الإداري. ونجد ثمة إختلافاً في سبل التظلم القضائي حسب التشريع الذي يحكم عمل هذه اللجان.(2)
ونادي بعض فقهاء القانون العام في السودان بضرورة اتباع نظام ازدواج القضاء من خلال مداولات مؤتمر العدل والإصلاح القانوني الذي انعقد في مارس 1991م ولم يجد هذا النداء استجابة من قبل المؤتمرين.
وأرى أن نظام وحدة القضاء ، هو النظام الأمثل الذي يمكن اتباعه في السودان، ويمكن علاج المشكلات الواردة في إطار القضاء الموحد وذلك بالعمل علي قيام قضاء إداري متخصص وغير مستقل، ويمكن البدء فيه بتوسيع الدوائر الإدارية في محكمة الاستئناف والمحكمة العليا، حتى تضع لنا هذه الدوائر نظريات ومبادئ قانونية منفصلة عن القانون الخاص لتشكل قواعد قانون إداري من صنع هذا القضاء المتخصص – أكثر مرونة لإحتواء المنازعات الإدارية، ونقصد بالقضاء أن يكون القاضي الذي ينظر الدعاوي الإدارية متخصص وملم بطبيعة الروابط القانونية في هذه الدعاوي وما ينبغي أن تكون عليه لتعلقها بالمرافق العامة وحسن سيرها من جهة وضرورة حفظ وصيانة حقوق الأفراد من الجبهة الأخرى والمواءمة بينهما.
ولابد أيضاً من التخلص من مشاكل إزدواجية الرؤية القانونية والقضائية السائدة في الأحكام الصادرة من المحكمة العليا نتيجة لتبني مذاهب وفلسفات قانونية متباينة لدى القضاة.

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:17 pm

يتبع 1
هل عرف النظام الاسلامي نظريةالقانون الإداري ؟:
لاشك في أن الدولة الإسلامية وقد بلغت شأواً كبيراً في الإزدهار والتوسع الأمر الذي أدي لوجود نظام إداري قوي يشبع حاجات الأفراد العامة حتى في أحلك الظروف ، حيث كانت الإدارة تتميز بأنها شعبية قامت فور انتقال الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة(1).
وأنه من المقرر حتماً كلما وجدت إدارة ومحكومين وجد قانون إداري وهذا أمر بديهي، ولكن ليس معنى وجود (نظام إداري) أن يوجد قانون إداري إلا إذا تميزت العلاقات الإدارية عن العلاقات الفردية بمعاملة خاصة.(2)
وحيث لا يعرف النظام الإسلامي التفرقة بين الحكام والمحكوم فيما يتعلق بالخضوع لأحكام الشريعة الإسلامية، ولم يعرف تاريخ التراث الإسلامي أي تمييز في شريعة الحكم بين الوالي والرعية، والشريعة الإسلامية من النظم الموحدة التي لا تعرف الإزدواج فليس فيها قانون إداري مستقل بل تسري أحكام الشرع علي الحكام والمحكومين علي حد السواء.(3)
ولقد عرف النظام الإسلامي نوعان من القضاء، قضاء عادي وقضاء مظالم أو ولاية مظالم وإن كان هناك شبه بين قضاء المظالم والقضاء الإداري فيما يتعلق بإختصاصات قاضي المظالم في الفصل في المنازعات التي لها طابع إداري مثل النظر في إساءة استعمال السلطة من جانب الحكام (الولاة) ضد المحكومين (الرعية) والنظر في منازعات كتاب الدواوين وإدارة شئونهم (المرافق العامة).(4)
إلا أن قضاء المظالم في النظام الإسلامي لا ينشئ القواعد والأحكام القانونية كما هو الحال في القضاء الإداري الوضعي حيث أن الأحكام والقواعد القانونية في النظام الإسلامي لها مصادرها التي تتألف منها المشروعية الإسلامية العليا.(1)
أساس تطبيق القانون الإداري في النظام اللاتيني:
قد تبدو معرفة أساس ومجال انطباق القانون الإداري لأول وهلة أمراً ميسوراً، فقد يقال أن القانون الإداري يطبق علي العلاقات التي تكون الإدارة طرفاً فيها، ويقوم بتنظيم الروابط التي تنشأ بين الأفراد والإدارة كافة، ذلك قياساً علي فروع القانون الأخرى كالقانون المدني الذي ينظم العلاقات المدنية والقانون التجاري الذي يحكم المعاملات التجارية.
ولكن هذا لا ينطبق علي القانون الإداري لأن العلاقات الإدارية متنوعة يختلف بعضها عن بعض اختلافاً جذرياً، ذلك لأن الإدارة تمارس نشاطات مختلفة من حيث الطبيعة وتقيم علاقاتها مع الأفراد باستخدام طرق متعددة ، فهي تمارس نشاطاً عاماً في غالب الأحيان، غير أنها قد تمارس نشاطاً مشابهاً للنشاط الخاص، فهل يمكن اعتبار العلاقات الناشئة عن هذا النشاط الأخير علاقات إدارية، لابد للإجابة علي هذا السؤال للتعرف علي العلاقات الإدارية التي يحكمها القانون الإداري وتلك التي تخرج عن نطاقه(2).
لذلك كان لابد من البحث عن فكرة أساسية يستند إليها القانون الإداري في التطبيق، وهذا البحث قد أملته اعتبارات عملية في فرنسا مهد القانون الإداري، تتمثل في وجود قضاء إداري مستقل متخصص في النظر في المنازعات الإدارية إلي جانب القضاء العادي الذي يتولى حسم المنازعات التي تنشأ بين الأفراد، والاعتبار الثاني كون المشروع الفرنسي لم يحدد اختصاص القضاء الإداري، الأمر الذي اضطر القضاء إلي البحث عن مبدأ عام يمكن الاستناد إليه في تعيين الحدود التي تفصل بين اختصاص كل من القضائيين.
ولقد سادت فكرتان أساسيتان أعتمد عليهما الفقه والقضاء لتحديد معيار القانون الإداري ومجال تطبيقه، أولهما مبدأ السلطة العامة أما الفكرة الثانية فإنها تستند إلي نظرية المرفق العام.
معيار السلطة العامة:
التمييز بين أعمال السلطة العامة وأعمال الإدارة:
لاحظ فقهاء فرنسا في القرن التاسع عشر التمييز بين أعمال السلطة العامة وأعمال الإدارة، وهذا التمييز في نظرهم هو الذي يحدد مجال تطبيق كل من القانون الإداري والقانون الخاص.
فأعمال السلطة العامة هي التي تباشرها الإدارة أعمالاً لاختصاصاتها باعتبارها سلطة آمرة عن طريق إصدار أوامر واتخاذ قرارات من جانب واحد، وهذه الأعمال لا مقابل لها في دائرة القانون الخاص وبالتالي لا تخضع لأحكام القانون العادي ولا تختص بنظرها المحاكم العادية.
أما أعمال الإدارة المالية علي العكس من الأولى لا تباشرها الإدارة بصفتها صاحبة السلطة، بل تباشرها كأي فرد يقوم بالتصرفات العادية في إدارة شئونه الخاصة ومن المنطق أن تخضع هذه الأعمال للقانون الخاص وتخرج من نطاق القانون الإداري.
فالادارة هنا تخلع عن نفسها الرداء اللامر والناهي فتنزل منزله الافراد وتستعين بالوسائل المتروكة لهم ، ومن امثلة تلك الاعمال العقود التي تبرمها الادارة مع الافراد والمؤسسات الخاصة كالشركات في تلك الحاله تخضع الادارة الي القواعد التي يخضع لها سائر الافراد واذا سار نزاعا حول بنود تلك تختص المحاكم العادية في نظره (1)
ولكن فكرة السلطة العامة وإن كانت تبدو سهلة وواضحة إلا أن التطبيق يكشف من الناحية العملية صعوبة التحديد إذ أن كلاً من صفة السلطة العامة وصفة الإدارة متداخلتان بحيث يصعب فيما يتعلق ببعض الأعمال تحليل طبيعتها بشكل واضح، مما جعل القضاء الإداري في الفقه اللاتيني أن يعدل عنها باحثاً عن معيار آخر(1) وذلك للأسباب الآتية:
1 / صعوبة التفرقة بينما يعتبر من قبيل اعمال السلطة العامة ومايعتبر من قيبل اعمال الادارة المالية لما بين العملين من تداخل مستمر كما ان اعمال السلطة العامة في هذا المعيار قد تحددت علي مفهمو ضيق جدا يقوم فقط علي مجموعة الاوامر والنواهي التي تصدرها الهئيات العامة المتخصصة ، وهذا التتضييق الشديد لنطاق القانون الاداري لا يتناسب مع مقتضيات الحياة بحيث يمكن ان يكون تصرف الادارة من قبيل اعمال السلطة العامة دون اصدار اوامر او نواهي .
2/ يمكن تصور قيام الادارة ببعض تصرفات ذات الطبيعة المختلفة بحيث لا تعتبر تصرفات عادية تماما ، كما انها لا تعتبر اوامر ونواهي بالمعنى الحرفي مثل العقود الادارية .
3/يدور القانون الإداري وجوداً وعدماً مع المرفق العام، فالمرفق العام هو أساس ومبرر وجود القانون الإداري . ويقصد بالمرفق العام كل نشاط تقوم به هيئة عامة يهدف إلي إشباع حاجة تتعلق بالمصلحة العامة، فالعنصر الرئيس في تعريف المرفق هو تعلق الحاجة المراد إشباعها بالمصلحة العامة.(2)
فاذا ما اعترفت الدوله ان حاجة عامة يحس بها المجموع (الشعب) ولا يستطيع النشاط الفردي تحقيقها ، وتولت هي نشاطها السعي اليها وتوفيرها ، بان هذا النشاط يكون مرفقا عاما ومن امثله ذلك اعمال الشرطة ، الدفاع الوطني ، السكك الحديدية ، التمثيل الدبلوماسي ، التعليم ، الصحة . اذاً ان عنصر الحاجة العامة او المصلحة العامة هو الذي يميز المرافق العامة عن المشروعات الخاصة للادارة (1).
ولاينتفي عنصر الحاجة العامة او المصلحة العامة نهائيا اذا جعلت الادارة اشباع هذه الحاجات العامة نظير رسم يدفعه الافراد ، كما لا يتحول المرفق العام اذا حقق ارباحا ليصبح مشروعا خاصا للادارة ، كمرفق المياة والكهرباء(2)
لقد اعتقد بعض فقهاء فرنسا استناداً للأحكام التي أصدرها مجلس الدولة، بأن القانون الإداري يقوم علي نظرية المرافق العامة، ويعرفون القانون الإداري بأنه قانون المرافق العامة ويجعلون من المرفق العام معياراً لرسم حدود القانون الإداري وتحديد اختصاص القضاء الإداري، ولقد ساد هذا المعيار لفترة طويلة نسبياً إلا أنه لم يعد اليوم كافياً بذاته لتحديد مجال تطبيق القانون الإداري وذلك للأسباب الآتية: (3)
1- إن نشاط الإدارة لا يقتصر علي المرافق العامة ، فهي تتولى إضافة إلي ذلك تنظيم نشاط الأفراد عن طريق البوليس الإداري وهذا النشاط لا يدخل ضمن المرافق العامة.
2- إن المرافق العامة لا تدار دائماً وفقاً لقواعد القانون الإداري، فكثيراً ما تلجأ السلطات الإدارية إلي اتباع طرق الإدارة الخاصة وقواعد القانون الخاص.
3- لقد أدت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في فرنسا مهد القانون الإداري إلي تغير محتوى التمييز بين النشاط العام والنشاط الخاص، ذلك التمييز الذي كان أساس نظرية المرافق العامة، إلا أن مذهب التدخل الاقتصادي حمل الدولة علي القيام بنشاطات مشابهة في طبيعتها لنشاطات الأفراد وبذلك نشأت مرافق عامة جديدة تختلف عن المرافق العامة التقليدية هي المرافق التجارية والصناعية التي تخضع للقانون الخاص.
وهذه الأسباب مجتمعة أدت إلي جعل فكرة المرافق العامة لا تصلح كمعيار لرسم حدود القانون الإداري وبيان مجال تطبيقه، فذهب الفقهاء يبحثون عن معيار آخر وبعضهم يحاول التشبث بفكرة المرفق العام وبعثها من جديد.(1)

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:18 pm

يتبع 2
معيار تطبيق القانون الإداري في السودان:
بطبيعة الحال لا يعرف القانون الإداري في السودان أي معيار لإنطباقه … وذلك لإعتناقه نظرية وحدة القانون ووحدة القضاء، لأن الأساس في إيجاد معيار انطباق القانون الإداري هو توزيع الاختصاصات بين القضاء العادي والقضاء الإداري علاوة على أن القانون السوداني لا يميز الإدارة بقواعد قانونية تختلف عن القواعد القانونية التي تحكم نشاط الأفراد، فليس في النظام السوداني ما يسمى بالعقد الإداري فكل العقود تخضع لقواعد واحدة هي المنصوص عليها في قانون المعاملات المدنية 1984م سواء أكانت هذه المعاملات بين الأفراد فيما بينهم أو بين الأفراد والإدارة وتفصل في المنازعات الناشئة عن عقود الأفراد مع الإدارة ذات المحاكم المدنية التي تفصل في منازعات الأفراد.
إن كان القانون السوداني يعرف دعوى إلغاء القرار الإداري (الطعن في القرار الإداري) إلا أنه لا يخصص قضاءً مستقلاً لمنازعات الإدارة فينظر في الطعن الإداري في ذات المحكمة التي قد يكون لها اختصاصاً مدنياً وجنائياً في آن واحد.
أساس القانون الإداري في النظام الإسلامي:
يجري البحث في معظم النظم الوضعية – كما سبق بيانه في أساس وجود القانون الإداري بجانب القانون العادي الذي يطبق علي الأفراد.
وبطبيعة الحال لا يعرف النظام الإسلامي مثل هذا البحث لأن أحكام الشريعة الإسلامية تطبق بمعيار واحد على الأفراد وعلي عمال السلطة العامة بلا فارق لاختلاف روح الشريعة الإسلامية عن روح القانون الإداري الحديث الذي نشأ تقديساً للسلطة العامة، حماية أغراضها وإعلائها على الأفراد، إلا أن النظام الإداري الإسلامي – كسائر النظم الإسلامية – إنما يعمل في ضوء مبدأين أساسين(1). أحدهما أن هذه الشريعة إلهية والآخر أنها شريعة حرة تقوم علي إفساح السبيل للفرد أن يعمل حسب ضميره وعقيدته، واتصفت هذه الشريعة الحرة بالروح الشعبية التي تجعل الفرد عاملاً إدارياً حراً وقائماً بوظيفة عامة لا يتطلب الضغط والقسر ليحقق الصالح العام ويستجيب له ويتصرف طبقاً لعقيدته السليمة فيتصل عمله بقلبه وضميره ويعبر بفعله عن إيمانه (2).
خصائص القانون الإداري
ظهر القانون الإداري مستقلاً عن القانون الخاص متميزاً في قواعده مستمداً مبادئه من ظروف الحياة الإدارية وما يتلائم معها من حلول، فجاء قانوناً مرناً متجاوباً دائماً مع التطورات التي تلحق بالنظم السياسية والإجتماعية والاقتصادية، فالقانون الإداري يتميز عن سائر فروع القانون الأخرى بخصائص متفردة، يمكن تفصيلها فيما يلي: -
أولاً: القانون الإداري حديث النشأة :
نشأ القانون الإداري في فرنسا، (أقدم البلاد عهداً بالقانون الإدراي) ويرجع تاريخ نشأة القانون الإداري الحديث عند قيام الثورة الفرنسية في عام 1789، وذلك عندما فسر رجال الثورة الفرنسية مبدأ الفصل بين السلطات تفسيراً جديداً لظروف اجتماعية كانت حادثة في ذلك الوقت، ولم يكن ذلك التفسير معمولاً به في الدولة التي كانت آخذة به وقتذاك كإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية. وتطبيقاً لهذا التفسير الجديد لمبدأ الفصل بين السلطات تم إنتزاع أقضية الإدارة من يد القضاء وأصبحت الإدارة تفصل في المنازعات التي تتعلق بها حتى قيام مجلس الدولة الذي تولى الفصل في المنازعات التي تتعلق بالإدارة. ويمكن القول بأن نشأة القانون الإداري لم تكن نتيجة فلسفة معينة أو إعمالاً لقواعد موضوعية، بل لأسباب تاريخية بحتة. ولم يبدأ القانون الإداري في الظهور بوصفه قانوناً مستقلاً من القانون المدني إلا في القرن السادس عشر، بل أن الأفكار الرئيسة والنظريات الأساسية التي يتميز بها القانون الإداري لم تتبلور إلا خلال القرن العشرين(1).
ثانياً : القانون الإداري قانون قضائي:
القضاء الإداري ليس قضاءاً تطبيقياً كالقضاء المدني، وإنما هو إنشائي يقوم بإتباع الحلول المناسبة في المنازعات الإدارية، ومعظم المبادئ والنظريات التي يتكون منها القانون الإداري ترجع في نشأتها إلي مجلس الدولة الفرنسي، الذي اضطر أمام عدم وجود نصوص قانونية تحكم المنازعات المطروحة إلي ابتكار الحلول والقواعد التي تحسم هذه المنازعات، أما في نطاق القانون الخاص الذي نشأ واستقرت أحكامه قبل نشأة القانون الإداري بزمن طويل، فإن القاضي عادةً ما يجد نصوصاً تحكم المنازعات بين الأفراد ولذلك يقتصر دوره في الغالب الأعم من الحالات علي تطبيق هذه النصوص(1). ويؤدي الطابع القضائي لقواعد القانون القضائي إلي إضفاء صفة عملية علي هذه القواعد، ذلك أن القاضي الإداري يسعى بصدد كل نزاع يطرح عليه إلي ابتكار الحل الملائم لهذا النزاع دون التقيد بمبادئ مجردة، ولكن الدور الكبير الذي يلعبه القضاء الإداري في إنشاء القواعد الإداري يعني أن دور المشرع يكون محدداً هذا المجال – فكثيراً ما يتدخل المشرع لكي يقنن في صورة قواعد تشريعية القواعد التي يستقر عليها القضاء(2).
ثالثاً: القانون الإداري قانون غير مقنن:
يقصد بالتقنين جمع القواعد والأحكام القانونية في متن واحد، كما هو الحال بالنسبة للقانون المدني والجنائي – ويلاحظ عدم إمكان تجميع قواعد وأحكام القانون الإداري في متن واحد وذلك لأسباب كثيرة منها، أن القانون الإداري قد نشأ ببطء وتدريجياً وأنه قانون متطور دائماً بتطور الظروف الإجماعية والاقتصادية في الدولة كما أنه ليس من اليسر صياغة قواعد القانون الإداري في شكل مواد شاملة وثابتة مما يؤدي إلي جمود القانون ويعوق تطوره(3).
وذهب بعض الفقهاء بضرورة تقنين القانون الإداري للإستفادة من مزايا التقنين والتي تمكن في وضوح القواعد القانونية وتحديدها وسهولة التعرف عليها، كما أنه يتيح للمهتمين بهذا القانون فرصة إصلاح النظم الإدارية التي تبين عدم صلاحيتها عند التطبيق العملي. ولكن عدم تقنين القانون الإداري لا يمنع من وجود بعض التشريعات الإدارية الجزئية المقننة، تشتمل علي القواعد التي تطبق علي جوانب تنظيم الإدارة وأنشطتها (مثل قوانين الإدارة العامة والقطاع العام).
رابعاً: القانون الإداري قانون مرن وقابل للتطور:
تمتاز قواعد القانون الإداري بالمرونة والقابلية للتطور نظراً لأنها لم تقنن في نصوص تشريعية محددة، وإنما جاءت وليدة الظروف الواقعية، ولا شك أن هذه المرونة التي يتمتع بها القانون الإداري تساعد علي تطوره المستمر. فالقانون الإداري شديد الحساسية لما يجري في الدولة من تطورات متجاوباً مع الظروف المتغيرة حتى لا تعوق النشاط الإداري.
بالرغم من ميزة مرونة القانون الإداري إلا أن هذه المرونة والقابلية للتطور السريع قد تؤثر في ثقة الناس واحترامهم للقانون الإداري لأن من خصائص القانون الثبات والاستقرار والعمومية حتى يحقق العدل والمساواة بين الناس(1).
خصائص القانون الإداري في النظام الإسلامي:
يتميز القانون الإداري في النظام الإسلامي بخصائص متفردة يمكن إجمالها في الآتي:
أولاً: قيام النظام الإسلامي علي وحدة القانون: فالنظام الإداري الإسلامي لا يعرف الازدواج بل يطبق أحكام واحدة علي كل العلاقات القانونية ولهذه الوحدة القانونية أسباب منها(2):
i- أن أحكام الشريعة الإسلامية لا تقبل التجزئة وإنها خطاب عام للحاكم والمحكوم، وجاء هذا الخطاب عاماً لوضع الفرد في مركز المخاطبة لا تخصيص فيه ولا تمييز.
ii- إن الدولة الإسلامية وليدة القانون ابتداءً ، خلافاً للنظم الوضعية حيث أن الدولة تحدد نفسها بنفسها، فهي تنشئ النظم والقوانين اللازمة لها بما تراه، فإذا تغير نظام الدولة فإن النظام السابق يكون قابلاً للتغيير وينسخ بما تضعه الدولة الحديثة من نظم وقوانين، ويترتب علي ذلك أن تستثنى نفسها عن القواعد العامة التي تطبق على الأفراد.
أما في النظام الإسلامي فالدولة وليدة القانون من البداية فلا تستطيع أن تزيد علي ما هو مقرر شيئاً ، ومن المعلوم أن القرآن الكريم قد بدأ نزوله في مكة قبل هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة وانشأ الدولة الإسلامية فيها وأن التشريع تعاقب نزوله بعدها واكتملت أصوله وجاءت الدولة الإسلامية من بعد ذلك مقيدة بهذه الأصول لا تخرج عنها(1).
ثانياً : قيام النظام الإسلامي علي المشروعية الإسلامية:
في فقه القانون تتعدد مصادر المشروعية وتتدرج وفي فقه النظام الإسلامي مصادر المشروعية لا تتعدد في الحقيقة – فمصدرها الأصيل الوحي وكل المصادر بعد ذلك مردودة إليه وكون الوحي مصدر المشروعية الأصيل يعطي هذه المشروعية مزايا لا تعرفها أي مشروعية أخرى(2).


Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:19 pm

يتبع 3
مصادر القانون الإداري
تدور مصادر القانون الإداري مع مصادر القانون عموماً، وإن وصف القانون الإداري بأنه قانون قضائي النشأة، لا يعني أن القضاء مصدره الوحيد بل أن تلك الصفة لا تعني أكثر من أن دور القضاء يتعاظم في استخلاص قواعد القانون الإداري دون سائر القوانين(1).
المصدر الأول: التشريع:
أولاً: التشريع الدستوري:
يعتبر الدستور أعلى مصادر القانون، وهو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم في الدولة وحماية حقوق وحريات الأفراد، كما تنظم العلاقات القائمة بين كافة هيئات الدولة وسلطاتها.
تسمو قواعد الدستور علي غيرها من القواعد باعتبارها قواعد تأسيسية وإنشائية، ويتعين علي جميع سلطات الدولة احترام هذه القواعد(2).
والقواعد الدستورية قد لا توجد في الوثيقة الدستورية ذاتها فحسب، بل في إعلانات الحقوق والمواثيق أو في مقدمات الدساتير، ويثار التساؤل عنها عن القوة القانونية لتلك القواعد الخارجة عن الوثيقة الدستورية، وما مدى اعتبارها مصدراً من مصادر المشروعية تلزم كل سلطات الدولة وبما فيها السلطة الإدارية محل البحث.
إن القواعد التي تأتي في مقدمة الدستور لا تعتبر قواعد قانونية بالمعنى الفني، ولكنها تعد من قبل المبادئ والفلسفات والموجهات العامة للحكم ومثالها ما جاء في الدستور السوداني النافذ لسنة 1998م في الباب الأول تحت عنوان الدولة والمبادئ والموجهة في المواد من (1) إلي (19).
وتأخذ المواثيق وإعلانات الحقوق حكمها وتعتبر وثائق منفصلة عن الدساتير وتقرر مجموعة من الحقوق والحريات الأساسية وتتضمن بعض الضمانات التي تكفل حماية هذه الحقوق، ومن أمثلتها إعلان حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة الصادر في عام 1948م والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1976م.
ذهب الاتجاه في الفقه الفرنسي إلي اعتبار مقدمة الدستور جزاءً لا يتجزأ من الدستور نفسه، ولها ذات القيمة المقررة للقواعد الدستورية، ويذهب بعض الفقهاء في فرنسا إلي القول بعدم القوة الإلزامية لهذه المقدمة، لأنها تبدو في شكل مبادئ عامة اجتماعية واقتصادية وسياسية كما هو الحال في الباب الأول من الدستور السوداني لسنة 1998م ولها قيمة أدبية فحسب، ويرجح الدكتور وجدي ثابت أن مقدمة الدستور جزاً لا يتجزأ من الدستور سواء انطوت على مبادئ فلسفية أو منهجية أو انطوت علي نصوص قانونية محددة، إنها تمثل في الحالتين موجهات عامة لنظام الحكم بأثره مما يسوق معه تأكيد الصفة الإلزامية لهذه المقدمة، وهو الرأي الذي نعتمده، وخاصة في الدستور السوداني لسنة 1998م حيث جاءت هذه الموجهات في صلب الدستور لا في مقدمة منفصلة.
أما إعلانات الحقوق والمواثيق المقررة للحريات، وهي وثائق سياسية تأتي منفصلة عن الدساتير، وتنص علي طائفة من الحريات والحقوق السياسية وتسمى بضمانات الحقوق.
ويتنازع القيمة القانونية لها اتجاهين(1):
أولها: ويذهب إلي إنكار القيمة القانونية لهذه الإعلانات للحقوق، باعتبارها مجرد عرض لمبادئ عامة أو موجهات عامة تتجرد من الالتزام القانوني وبالتالي لا يمكن اعتمادها مصدراً من مصادر القانون، إلا أن هذا الاتجاه لم يشايعه غالبية الفقهاء، كما إن القضاء قد عارضه في أن استمد بعض من أحكامه هذه القواعد المضمنة بإعلانات الحقوق.
وثانيها: يقرر القيمة القانونية الإلزامية لإعلانات الحقوق إلا أن هذا الاتجاه من الفقه يختلف في هذه القيمة القانونية، هل هي قيمة تعلو القواعد والنصوص الدستورية أم تتساوي معها أم تقل عنها. وتظهر لنا في ذلك أربعة آراء: -
الرأي الأول: ويري أنصاره أن لإعلانات الحقوق قيمة أعلى من قيمة القواعد الدستورية، وذلك لما تتضمنه من مبادئ عليا وسامية، وتمثل ما بلغه الفكر الدستوري من رقي وتحرر ينشد خير البشرية ولأن قوام هذه الإعلانات حقوق وضمانات تثبيت للإنسان لا بوصفه مواطناً مجرداً عن دولته، ومن ثم يجب علي المشرع الدستوري في أي دولة أن يتضمنها – وإلا كان دستورها قاصراً.
يجد هذا الرأي معارضة من بعض الفقه موادها لا وجود لطائفة من القواعد تعلو علي القواعد الدستورية وأن موضوع هذه الإعلانات ليس موضوعاً دستورياً داخلياً حتى تعطي قيمة دستورية. وإنه لا توجد سلطة عليا أعلى من السلطة التأسيسية.
ويمكن الرد علي الحجة القائلة أن السلطة التأسيسية الأصلية أعلى سلطة في الدولة، أنه إذ صح اعتبارها في الداخل فلا يجوز اعتبارها في الخارج، أي في علاقة الدولة بغيرها من الدول. أي أن علي الدولة أن تتضمن في نظامها القانوني حد أدنى من احترام القواعد المقررة لحقوق الإنسان الواردة في تلك الإعلانات، حيث تتكافأ السيادات، فلا يجوز للدولة أن تتحدى إرادة المجتمع الدولي بالقول بأن سلطتها التأسيسية أعلى سلطة لأن دخول أي دولة في اتفاقات أو معاهدات أو انضمت لعهود دولية تنشأ ما يعرف بالإلتزام الدولي مجرد التصديق عليها، فلا يجوز لأي سلطة في داخل الدولة أن تنشئ قاعدة مخالفة لالتزام دولي عام.
والالتزام الدولي يأتي كنتيجة حتمية للدولة في منظومة المجتمع الدولي، فتنشأ مجموعة من القواعد القانونية تسمو علي النظام القانوني بأثره لأنها نابعة من الإدارة الشارعة للدولة في المجتمع الدولي ، لذلك لا يمكن اعتبار هذه القواعد السامية في أعداد القواعد الدستورية بل أسمى منها بحكم مصدرها وبحكم موضوعها.
الرأي الثاني: ويري أنصاره أن إعلانات الحقوق لها قيمة دستورية ويستند هذا الرأي لعدة حجج منها:
أولاً: أن بعض إعلانات الحقوق، كإعلان الفرنسي الصادر في عام 1789م له قيمة قانونية خاصة متميزة في أعقاب الثورة الفرنسية.
ثانياً: تعمل بعض الدول علي مساواة إعلانات الحقوق بقوة الدساتير ذاتها، مثال ذلك: إن القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية عندما يراقب دستورية القوانين، لا يكتفي بالرقابة علي مدي موافقة القانون مع الدستور، ولكنه يتحقق أيضاً من عدم مخالفة التشريعات لإعلان الحقوق.
ثالثاً: إن الإعلانات الحقوق ذات القوة التي تعطي للدساتير لأنها تنبع من ذات السلطة التي تضع الدستور وهي السلطة التأسيسية. ومن ثم يبدو من الطبيعي أن تتمتع بذات القوة التي يتمتع بها الدستور.
رابعاً: كان الفقيه (هوريو) تصور عن مفهوم الدستور السائد في الدولة وفي رأيه ألا يسود في الدولة دستوراً واحداً إما دستوران، الأول سياسي نظام الحكم ويحفظ العلاقات المتداخلة بين السلطات العامة، أما الثاني فهو إجتماعي، ويضع أساس النظام الاجتماعي وهذا الدستور هو إعلانات الحقوق ومؤدى هذا الرأي أن نعطي الدستور الاجتماعي ذات القيمة والقوة المعطاة للدستور السياسي لتعادلهما في القيمة من الناحية الموضوعية،لأن في الأصل هذا الدستور الاجتماعي يحتوي علي موضوعات دستورية.
الرأي الثالث: ويري أنصاره أن لإعلانات الحقوق قيمة أقل من قيمة النصوص الدستورية وفي مستوى التشريعات العادية. ويرجع إلي عدم جواز افتراض سمو تلك المبادئ، لأن واضعيها لو أرادوا أن تتمتع بسمو معادل لسمو الدستور لقاموا بتضمين الدستور تلك المبادئ.
بعض الفقهاء ذهب إلي فساد هذا الرأي بحجة أن وجود المبادئ التي تتضمنها إعلانات الحقوق خارج الدساتير لا ينفي ما تتمتع به من قيمة تعلو علي قيمة التشريع العادي، بالنظر للمعيار الموضوعي في تعريف الدستور.
الرأي الرابع: ويرى أنصاره ضرورة التمييز في إطار تلك الإعلانات بين النصوص الموضعية التي تحتويها، وغيرها من المبادئ الفلسفية أو المنهجية التي تتضمنها بعض إعلانات الحقوق ولقد اعترف هذا الرأي بقيمة النصوص الدستورية، واعتبرها مصدراً من المصادر المشروعة وأنكر علي المبادئ الفلسفية أو المنهجية أي قيمة قانونية ملزمة، واعتبرها مجرد أفكار موجهات، ذلك لافتقارها للتحديد القانوني(1). يعارض بعض الفقه هذه الحجة، ويرى أن المبادئ المنهجية تعتبر روح وضمير الجماعة، تمثل ميداناً للمبادئ القانونية العامة التي يعلنها القضاء في أحكامه مقرراً صفتها الإلزامية كمصدر من مصادر المشروعية(2).
لقد حسم الدستور السوداني الإنتقالي لسنة 2005م الأمر في نص المادة(27) منه والتي تقرأ كما يلي "تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الإتفاقيات والعهود الدولية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءاً لا يتجزأ من هذا الوثيقة "

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:20 pm

يتبع 4
ثانياً: التشريع العادي:
التشريع العادي هو ما تقرره السلطة التشريعية في الدول من قوانين وفق إجراءات التشريع، فالهيئة التشريعية أياً كانت التسميات في النظم الدستورية، هي التي تختص بحكم الدستور في وضع القوانين العامة التي توضح سياسية الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ويأتي تخصص الهيئة التشريعية في وضع القانون. تجسيداً لمبدأ السيادة الشعبية في الدول باعتبارها تضم ممثلي الإدارة الشعبية(1).
ويأتي التشريع العادي (القانون) في المرتبة الثانية في سلم التنظيم القانوني في الدولة، وهذا يؤدي إلي ضرورة اتفاق التشريع العادي مع القواعد الدستورية، وإلا اعتبر القانون غير دستوري. ولكن متى يكون التشريع العادي (القانون) غير دستوري، وبعبارة أخرى متى يفقد التشريع العادي خاصيته كمصدر من مصادر المشروعية؟
وللإجابة علي هذا السؤال يقتضي البحث لمسألتين جوهريتين(2):
(الأولى): الحدود الدستورية للتشريع:
(الثانية): الانحراف في استعمال السلطة التشريعية.
1- الحدود الدستورية للتشريع:
قد ينص الدستور صراحة علي اشتراط إصدار قانون لتنظيم مسائل بعينها، علي نحو لا يجوز معه تنظيم تلك المسائل إلا بقانون. كما ينص علي استبعاد وسائل معينة من دائرة التنظيم التشريعي، وهي مسائل حظر علي أي سلطة في الدولة تنظيمها ولو المشرع نفسه، ذلك لأن الدستور قد نظمها تنظيماً نهائياً.
أولاً: المسائل التي أوجب الدستور تنظيمها بقانون:
حدد دستور السوداني الانتقالي لسنة 2005م بعض الموضوعات التي تطلب أن يكون تنظيمها بواسطة القانون. ويمكن سرد بعض الموضوعات التي أعطى الدستور حق تنظيمها وفق القانون أو قيدها بالقانون.
(1) حرمة المواطنة والجنسية م (7) من الدستور "ينظم القانون المواطنة والجنسية، ولا يجوز نزع الجنسية لمن إكتسبها بالتجنس إلا بقانون ".
(2) الحرمة من الإعتقال، المادة (29) من الدستور "لكل شخص الحق في الحرية والآمان، ولا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الحبس، ولا يجوز حرمانة من حريته أو تقييدها إلا لأسباب ووفقاً لإجراءات يحددها القانون ".
(3) الخصوصية، المادة (37) "لا يجوز إنتهاك خصوصية أي شخص ، ولا يجوز التدخل في الحياة الخاصة أو الأسرية لأي شخص في مسكنه أو في مراسلاته إلا وفقاص للقانون".
(4) حرية التعبير والإعلام، المادة (39) "تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخري وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي".
(5) حرية التجمع والتنظيم، المادة (40) "ينظم القانون تكوين تسجيل الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والإتحادات المهنية وفقاً لما يتطلبه المجتمع الديمقراطي".
(6) حق الإقتراع، المادة (41) "لكل مواطن الحق في المشاركة في الشؤون العامة من خلال التصويت حسبما يحدده القانون".
(7) مشروع الموازنة العامة م (19) من الدستور.
(Cool تنظيم مهنة المحاماة م (134) من الدستور"المحاماة مهنة خاصة ومستقلة ينظمها القانون"
ثانياً: المسائل التي حظر الدستور تنظيمها علي أي نحو:
يحظر الدستور علي أي سلطة بالدولة ولو كانت السلطة التشريعية من تنظيم بعض الموضوعات لتعلقها بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الدستوري بأسره، وقد نظمها المشرع الدستوري تنظيماً نهائياً وأوصد الباب في وجه المشرع فلا يستطيع هذا الأخير أن يتناول هذه الموضوعات بالتنظيم مرة أخرى.
ومن أمثلة هذه الموضوعات في دستور السودان الإنتقالي 2005م:
1- شروط الأهلية فيها لتشريح للرئاسة في المواد من (53-82) من الدستور.
2- شروط الأهلية للترشيح لمنصب والي الولاية م (179) من الدستور.
3- المجلس الوطني وتكوينه وشروط العضوية فيه المواد من (83-110) من الدستور.
4- مجلس الولاية وتكوينه وشروط العضوية فيه م (180) من الدستور.
5- اقتسام الموارد المالية المواد من (185-196) من الدستور.
6- مجلس الجنوب التشريعي المواد من (163-196)
ويلاحظ أن الموضوعات الوارد ذكرها لم ينص الدستور علي إمكانية تنظيمها بالإحالة إلي القانون، إنما نظمها تنظيماً نهائياً يحظر المساس بها علي أي نحو. لم يورد المشرع الدستوري عند تناولها عبارة " في حدود القانون" أو " كما ينظم القانون" أو " ولا يقيد إلا بضوابط القانون" كما هو الشأن في الموضوعات التي أذن الشرع الدستوري بتنظيمها بقانون كما أسلفنا. فلا يحق للمشرع أن يتدخل، ويصدر قانوناً يخل فيه علي أي نحو بهذه الموضوعات التي نظمها المشرع الدستوري تنظيماً نهائياً.
الإنحراف في استعمال السلطة التشريعية:
رأينا فيما سبق أن المشرع الدستوري في الموضوعات المتعلقة بالحريات قد ترك للمشرع العادي أن ينظم هذه الحريات وأعطاه من أجل ذلك سلطة تقديرية دون قيود تحد من إرادة السلطة التشريعية وهي تسن القانون.
ولكن هذه السلطة التقديرية للمشرع ليست طليقة من كل قيد كما يبدو، فالدستور عندما عهد للمشرع العادي في تنظيم طائفة من الحقوق والحريات مع غياب أوضاع صريحة رسمها الدستور في هذا التنظيم، يتعين علي المشرع ألا ينحرف بهذه السلطة التقديرية في التشريع علي نحو يخل بالإقرار الدستوري لهذه الحقوق والحريات سواء بالانتقاص منها أو مصادرتها جزئياً أو بفرض قيود علي استعمالها تجعل هذا الاستعمال شاقاً علي الأفراد.
ومثال ذلك ما ورد في المادة (39) من دستور السودان الإنتقالي 2005م فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير والنشر والصحافة، والتي نص الدستور بتنظيمها في حدود القانون كما ورد بالنص الدستوري في المادة (39)، فالدستور عهد للمشرع أن ينظم حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر دون أن يفرض علي المشرع أي قيود دستورية صريحة، فعلي المشرع أن يلتزم بالحفاظ علي الإقرار الدستوري بحرية الرأي والتعبير بحيث لا يقيد هذه الحرية قيوداً تؤدي إلي إنقاصها أو مصادرتها أو إهدارها تماماً.
ثالثاً: التشريع الفرعي (اللوائح والقرارات الفردية):
يقصد بالتشريع الفرعي (اللوائح والقرارات التنظيمية الفردية) في نظام مجلس الدولة – القواعد العامة والمجردة التي تصدرها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة إدارية استناداً لصلاحيتها الدستورية والتشريعية. فهي وفق هذا النظام قرارات إدارية شارعة. أما إذا نظرنا للنظام القانوني في السودان، فهذه اللوائح لا تعتبر قرارات إدارية إنما لها وصف القانون يمكن بعدم دستوريتها الطعن أمام المحكمة الدستورية(1).
وتعد اللوائح والقرارات الإدارية التنظيمية مصدراً من مصادر القانون التي تقيد أعمال الإدارة. وتتميز اللائحة عن القرار الإداري في كون اللائحة أن العبرة في تطبيقها بعموم صفة من تخاطبهم وليس بتخصيص ذواتهم. أما القرار الإداري الفردي فيحدث أثره بالنسبة لفرد أو أفراد معينين بذواتهم. ويجب أن تأتي اللائحة متفقة مع القانون والدستور من باب أولى وإلا اعتبرت غير مشروعة جاز الطعن فيها بالإلغاء في نظام مجلس الدولة أو الطعن بعدم دستوريتها أمام المحكمة الدستورية في النظام القانوني السوداني.
أنواع اللوائح والقرارات التنظيمية:
1- اللوائح التنفيذية:
هي اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين وتأتي مستندة لقانون سابق، ويشترط الدستور بإصدار هذه اللوائح التنفيذية الشروط الآتية:
1/ أن تكون الأحكام الواردة في اللوائح لازمة لتنفيذ القانون، لأن القوانين في الأصل تأتي بأحكام وقواعد مجملة، ثم تأتي اللائحة مفصلة لتلك الأحكام والقواعد المجملة، ومن أمثلة ذلك لائحة الخدمة العامة التي تأتي مفصلة للأحكام والقواعد المجملة في قانون الخدمة العامة.
2/ ألا يكون من شأن اللائحة التنفيذية تعديل القانون الذي صدرت اللائحة بشأنه أو غيره من القوانين.
3/ ألا يكون من شأن اللائحة تعطيل القانون الذي صدرت اللائحة بشأنه.
4/ ألا يكون من شأن اللائحة الإعفاء من تنفيذ القانون.
2- لوائح الضبط الإداري:
هي اللوائح التي عن طريقها تضع الإدارة القواعد القانونية اللازمة لصيانة النظام العام والمحافظة علي الصحة العامة والسكينة العامة، وتتدخل الإدارة بهذا النوع من اللوائح لتقييد بعض الحقوق والحريات الفردية من أجل ضمان صيانة الأمن العام، على أن يكون تدخلها محفوفاً بشروط تكفل مشروعية لوائح الضبط.
3- اللوائح التنظيمية:
وهي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية بقصد إنشاء وتنظيم المرافق العامة دون أن تستند لقانون سابق، مثال لائحة التصرف في النقد الأجنبي.

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:21 pm

يتبع 5
المصدر الثاني: العرف:
ويقصد بالعرف في القانون الإداري ما جرى عليه العمل من السلطة الإدارية في مباشرة اختصاصاتها الإدارية وينشأ من استمرار الإدارة إلتزامها بهذه الأوضاع والسير عليها بأن تصبح بمثابة القاعدة القانونية الواجبة الاتباع ما لم تعدل بقاعدة أخرى مماثلة – واشترط لاعتبار العرف أن يتوافر شرطان(1): -
1- أن يكون العرف عام وأن تطبقه الإدارة بصفة دائمة وبصورة منتظمة، فإذا أغفل هذا الشرط فلا يرتفع هذا العمل الذي جرت علي مقتضاه الإدارة إلي مستوى العرف الملزم.
2- ألا يكون العرف قد نشأ مخالفاً لنص قائم ويندرج تحت ذلك العرف الناشئ عن خطأ في فهم القانون.
إلا أن السلطة الإدارية غير ملزمة بأن تعمل بإستمرار وفق خطة واحدة وأسلوب واحد، فقد تدعوها الظروف أو مصلحة العمل أن تغير الطريقة التي جرت علي اتباعها في الماضي بقصد تعديل الوضع القديم واتباع أسلوب جديد أكثر اتفاقاً مع مصلحة العمل، ففي مثل هذه الحالة لا يعتبر عمله مخالفاً للعرف، وهذا بعكس إذا خالفت الإدارة العرف المقرر في حالة فردية مع تمسكها بالقاعدة القانونية التي نشأت عن هذا العرف وحرصها في نفس الوقت على الاستمرار في تطبيقه، فإن عملها يقع باطلاً لمخالفته لقاعدة عرفية ملزمة(2).
المصدر الثالث: القضاء:
للقضاء أهمية كبيرة في القانون الإداري، فيرجع الفضل إليه في نشأة وتطور هذا القانون، ويتميز القانون الإداري بأنه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني بل هو قضاء إنشائي يبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الإدارة في تسييرها للمرافق العامة وبين الأفراد.
ويثور التساؤل هل يمكن اعتباراً القضاء مصدراً رسمياً للقانون الإداري؟ وللإجابة علي هذا التساؤل يجب التنبيه إلي أن كلمة قضاء تستخدم لثلاثة معاني مختلفة:
أولها المحاكم وثانيها أحكام هذه المحاكم وثالثها الاتجاه الذي تستقر عليه المحاكم بصدد موضوع معين، أو المبادئ التي تستقر المحاكم علي تطبيقها.
وفي هذا المجال نقصد المعنى الأخير أي ما تستقر عليه المحاكم وهي تفصل في المنازعات الإدارية.
تثور المشكلة في الحالة التي لا يجد فيها القاضي نصاً قانونياً يحكم النزاع ويضطر هو لابتداع قاعدة قانونية يحسم النزاع وفقاً لها وفي هذا الفرض يمكن اعتبار القضاء مصدراً للقانون الإداري.
المصدر الرابع: المبادئ القانونية العامة:
المبادئ القانونية العامة هي المبادئ التي يقوم باستنباطها القضاء من بين قواعد النظام القانوني بأسره ويجدها في روح التشريع وقواعد العدالة والقانون الطبيعي، ومن أمثلة هذه المبادئ : مبدأ المساواة أمام القانون وأمام الأعباء العامة وأمام الوظيفة العامة وأمام المرافق العامة، ومبدأ حسن النية وغيرها من المبادئ القانونية العامة.
المصدر الخامس: الفقه:
يقصد بالفقه استنباط المبادئ والقواعد القانونية بالطرق العلمية المختلفة بواسطة الفقهاء وما يصدرونه من مؤلفات وفتاوى والتي تتضمن تأصيلاً للنظريات القانونية، وذلك بهدف إنارة السبيل أمام المحاكم في تطبيقها للقوانين وإلي لفت نظر المشرع لما قد يوجد في القوانين من نقص أو تناقض أو غموض.(1)


Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:22 pm

يتبع 6
تطبيقات :
(1) عرف القانون الاداري ، ثم بين مدلول (الادارة العامة)؟
(2) يتنازع تعريف القانون الاداري مدلولان ، اذكرهما ، ثم بين موقف القانون السوداني ؟
(3) مامدي صحة العبارة التي تقول ( ان القانون الاداري يدور مع وجود قضاء اداري مستقل ؟
(4) هل يوجد القانون الاداري في جميع بلاد العالم المتمدن ؟
(5) يكشف التطبيق العملي صعوبة تحديد صفة السلطة العامة وصفة الادارة المالية ، مما جعل معيار (السلطة العامة ) عاجزا عن كونه معيارا واساسا لتطبيق القانون الاداري في مدلوله الضيق او الغني ، وضح الاسباب ؟
(6) ما المقصود بالمرفق العام مع التمثيل ؟
(7) وضح اسباب عجز نظرية المرافق العامة كاساس في بناء القانون الاداري معيارا لتطبيقه ؟
(Cool لماذا يتسم القانون الاداري بعدم امكانية التقنيين (علل) ؟
(9) متي يفقد التشريع العادي خاصيته كمصدر من مصادر القانون الاداري ؟
(10) مالمقصود (باللجان الخاصة ) وفيما ينحصر دورها في كل من النظام الامريكي ، الانجليزى ، السوداني.؟

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:24 pm

يتبع 7

الباب الثاني
التنظيـــــم الإداري
تمهيد وتقسيم:
التنظيم الإداري هو بيان الأسس التي يقوم عليها تكوين الهيئات التي تمارس الوظيفة الإدارية في الدولة وبيان أفضل أساليب التنسيق بينها وأفضل الوسائل التي يمكن استخدامها في ممارسة اختصاصاتها.
وسوف نتناول في هذا الباب العوامل المؤثرة في تحديد نوع التنظيم الإداري ثم نتناول بالبحث النظرية العامة لأساليب التنظيم الإداري، ثم نبحث في التنظيم الإداري في النظام الإسلامي، وكل ذلك في فصول متتالية.
الفصل الأول
العوامل التي تؤثر في تحديد نوع التنظيم الإداري
تتباين التنظيمات الإدارية من دولة إلي أخرى، بل في داخل الدولة من إقليم إلي إقليم لأن أسلوب التنظيم الإداري يتأثر بعدة عوامل من أهمها العوامل الجغرافية والطبيعية والعوامل السياسية والعوامل التكنولوجية.
أولاً : العوامل الجغرافية والطبيعية:
تؤثر العوامل الجغرافية والطبيعية في تحديد نوع التنظيم الإداري السائد في البلاد وتتمثل العوامل الجغرافية والطبيعية في مساحة الدولة والبنية التضاريسية وهما يؤثران في تحديد نوع التنظيم الإداري.
فمساحة الدولة إذا كانت صغيرة فإن الاتجاه يكون نحو الأخذ بالتنظيم الإداري المركزي والبعد عن التنظيم اللامركزي، وبعكس ما إذا كانت مساحة الدولة كبيرة فإن الاتجاه يكون نحو الأخذ بالأسلوبين المركزي واللامركزي وهذا يتوقف علي الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في الدولة(1).
كذلك تؤثر البنية التضاريسية على تحديد نوع التنظيم الإداري، فالمناطق الجبلية يكون الميل نحو التنظيم الإداري اللامركزي أقوى من التنظيم المركزي ويرجع ذلك إلي العوامل الجغرافية المتمثلة في الجبال الوعرة.
كما أن الدولة الصحراوية تميل إلي الجمع بين التنظيم المركزي والتنظيم اللامركزي لأن الأقاليم الصحراوية تتميز بقلة عدد السكان وكثرة تنقلهم ولذلك لا يمكن تطبيق نظام الإدارة المحلية عليهم إلا إذا تغيرت طبيعة الحياة عن طريق الاستيطان وبناء تجمعات سكانية كما هو الحال في المملكة العربية السعودية والعراق(2).
ثانياً: العوامل السياسية:
يتحدد نوع التنظيم الإداري المطبق في أي دولة بآيدولوجية النظام السياسي، فتلعب الظروف السياسية دوراً رئيسياً في تحديد نوع التنظيم الإداري بصفة عامة تبعاً للقيم والمبادئ التي يعتنقها الشعب وتشكل في مجموعها فكر (آيدولوجية) الدولة.
ففي الاتحاد السوفيتي سابقاً كان يسود مبدأ مركزية الديمقراطية الذي يشجع المشاركة الشعبية مع الاحتفاظ بالرقابة المركزية الكاملة والتوجه المركزي للسياسات العامة.
أما إذا كان فكر الدولة يقوم علي الحرية الديمقراطية فإنه ينعكس علي نوع التنظيم الإداري المطبق، فنجد توسعاً في التنظيم الإداري اللامركزي وتخفيف سيطرة التنظيم الإداري المركزي.
ثالثاً: العوامل التكنولوجية:
تؤثر الأساليب التكنولوجية في تحديد نوع التنظيم الإداري، فقد أدت الحاسبات الآلية إلي نوع من التكامل التنظيمي، رغم هذا فإن حجم التغييرات التنظيمية المتوقعة يتوقف على مدى التقدم والبرمجة، وقد يؤدي هذا التطور إلي إدماج عدة وزارات في وزارة واحدة كما يؤثر هذا التطور العلمي في أسلوب إدارة التنظيم والاتجاه إلي المركزية، فقد أدى الكمبيوتر إلي إضعاف الحاجة إلى لا مركزية اتخاذ القرارات بسبب قدرته علي تجميع وتشغيل البيانات.(1)
وقد أدت الأساليب التكنولوجية في وسائل الإتصال إلي تعديل أحجام الوحدات الأساسية في الإدارة المحلية، ولعل ذلك هو السبب في التعديلات التي أدخلت علي الكثير من النظم المحلية عن طريق إنشاء اتحادات يضم كل منها عدداً من الجماعات المحلية الصغيرة لإدارة الخدمات التي تحتاجها(2).
الفصل الثاني
النظرية العامة لأساليب التنظيم الإداري
إستقر تعريف القانون الإداري بأن مجموعة القواعد القانونية التي يكون محورها الدولة وما يتفرع عنها من هيئات عامة، وذلك فيما يتعلق بتكون هذه الهيئات وتنظيمها أو فيما يتعلق بحكم نشاطها وصور العلاقات التي تكون طرفاً فيها، لذلك نجد أن هناك فئتين من الموضوعات التي يتناولها القانون العام: الأولى تعلق بتنظيم الجهاز الحكومي من حيث بيان شكل الدولة وتحديد طريقة تكوين الهيئات العامة سواء علي المستوى الدستوري أو الإداري، والثانية تتعلق بنشاط هذا الجهاز الحكومي كله وكل ما يتعلق بهذا النشاط من نتائج وآثار قانونية مختلفة.
ويقتضي التنظيم الإداري في بلد معين وزمن معين، البحث في طبيعة الأسلوب التي تسير عليه الحكومة في تأدية وظيفتها الإدارية.(1)
وتأخذ الدولة بأسلوبين للتنظيم الإداري: أسلوب المركزية وأسلوب اللامركزية، ويقوم الأسلوب الأول علي تجميع كافة الصلاحيات والاختصاصات المتعلقة بالوظيفة الإدارية في يد سلطة إدارية واحدة هي الحكومة المركزية سواء أن باشرت الاختصاصات بنفسها أو بواسطة موظفين يمثلونها ويعملون لحسابها ويخضعون لسلطاتها الرئاسية وتصدر القرارات بإسم الحكومة المركزية ، ولا تتمتع الأجهزة التابعة لها بشخصية معنوية مستقلة(2).
أما الثاني أي الأسلوب اللامركزي فمن مقتضاه اقتطاع جزء من الوظيفة الإدارية التي تضطلع بها السلطة التنفيذية وإسنادها إلي هيئات مستقلة إقليمية أو مصلحية تتمتع بدرجة من الاستقلال عن السلطة المركزية، كما تكتسب شخصية معنوية مستقلة ولكنها تخضع لرقابة ووصاية السلطة التنفيذية.(3)
إن الأخذ بأحد الأسلوبين أو كليهما معاً يتوقف علي الاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بكل دولة وبالطريقة التي تتناسب مع ظروفها، ودرجة تقدمها ومدى النمو الوعي فيها، وأنه من المعلوم تاريخياً عند نشأة الدولة الحديثة كان الأسلوب المركزي هو السائد لقيام هذه الدولة الحديثة علي انقاض النظام الإقطاعي وعلي أساس نظرية الحق الإلهي المقدس للملوك في أوائل القرن السادس عشر.(1)
غير أنه مع تعقد الحياة واتساع أنشطة الدولة المعاصرة، بسبب كثرة مشاكلها الإجتماعية والاقتصادية وظهور مذاهب تدخل الدولة في كافة الميادين وانتشار الفكر الديمقراطي لم يعد أسلوب المركزية الإدارية أمراً ممكن التحقيق من الناحية
العملية(2).
وسوف نقسم الدراسة في هذا الفصل إلي ثلاثة مباحث : الأول نخصصه للمركزية الإدارية والثاني لأسلوب اللامركزية الإدارية والثالث نبحث فيه عن التنظيم الإداري في النظام الإسلامي.


Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:24 pm

يتبع 8
المبحث الأول
المركزيــــة الإداريـــــة
المطلب الأول
تعريف المركزية الإدارية وبيان عناصرها
المركزية تعني التوحيد وعدم التجزئة أما في مجال التنظيم الإداري فالمركزية تقوم علي أساس مباشرة الاختصاصات والصلاحيات المتعلقة بالوظيفة الإدارية بواسطة الحكومة المركزية وأجهزة تابعة لها خاضعة لسلطانها بدون أن تتمتع هذه الأجهزة بالشخصية المعنوية المستقلة(1).
والمركزية قد تكون مركزية سياسية، كما كان سائداً عند نشأة الدولة الحديثة في أواخر القرن الخامس عشر، حيث قامت هذه الدولة علي منطق نظرية الحق الإلهي، والتي اقتضى قيامها على أساس النظام الملكي المطلق، والذي يتحدد بناؤه الدستوري علي مبدأ تركيز السلطات، وأخذت هذه الدولة الحديثة بالمركزية السياسية، ذلك ضماناً لتحقيق وحدتها السياسية والقانونية حتى لا تعود للنظام الإقطاعي الذي كان سائداً من جديد حيث كانت السلطة فيه مقننة.
وقد تأخذ المركزية صورة اقتصادية، حيث يكون توجه الاقتصاد القومي في كلياته وجزئياته مرهوناً بإرادة سلطات عامة مركزية في الدولة وهذا هو الطابع الغالب في الدولة الإشتراكية المتطرفة، كما تأخذ به بعض الدول المتخلفة التي تسعى سعياً حثيثاً نحو تحقيق التنمية الاقتصادية عن طريق توجيه النشاط الاقتصادي مركزياً ووفقاً لخطة مرسومة وفي إطار زمني محدد.
ويتخذ النظام المركزي شكل الهرم إذ توجد في قمته الوزراء وفي قاعدته يوجد الموظفين العموميين وتعدد وحدات الجهاز الإداري لا يهدر المفهوم العام للمركزية طالما كانت الوظيفة الإدارية في النهاية في يد السلطة الموحدة بالمركز، وأن هذه الوحدات المتعددة مرتبطة فيما بينها برباط التبعية العضوية وخاضعة لرئاسة عليا واحدة(1).
ويتضح لما سبق أن المركزية الإدارية تقوم على ثلاثة عناصر هي:
1- تجميع الاختصاصات المتعلقة بالوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية.
2- التدرج الإداري والسلطة الرئاسية.
3- السلطة الرئاسية.
العنصر الأول: تجميع الاختصاصات المتعلقة بالوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية.
وهذا يعني تركيز سلطة البت النهائي في أمور الوظيفة الإدارية في يد الحكومة المركزية، ولا يمنع ذلك من إنشاء هيئات إدارية تابعة للسلطة المركزية تعاونها في القيام بنشاطها وتمارس اختصاصات في جزء من إقليم الدولة.
ولكن هذه الوحدات لا تصدر القرارات إلا بإسم الحكومة المركزية أي أنها لا تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة، وتظل تابعة للسلطة المركزية(2).
ويتمثل هذا التركيز من الناحية الإدارية في المظاهر الآتية:
1- تركيز سلطات الأمن والشرطة، إذ من المعلوم أن وظيفة حماية الأمن داخل ربوع الدولة كانت ولا تزال تمثل أهم وظائف الدولة، وطالما كانت هذه السلطات موزعة بين أفراد أو هيئات أخرى غير الدولة فإن فكرة الدولة كوحدة قانونية وسياسية متكاملة يكون في حكم المستحيل.
2- تركيز الاختصاصات الفنية، كسلطات التخطيط والبحث الفني والضروري لإعداد المشروعات القرارات المختلفة التي تتعلق بممارسة الوظيفة الإدارية.
3- تركيز ولاية البت النهائي لسلطة التعيين في الوظائف العامة بإعتبار أن الموظفين القائمين بأعمال هذه الوظائف هم مجموعة المعاونين لها رئاسياً.
العنصر الثاني: التدرج الإداري والسلطة الإدارية:
الأخذ بالنظام المركزي يستتبع أن يخضع الموظفون لفكرة السلم الإداري بحيث ينتظم الموظفون علي طول السلم الإداري في رابطة ذات مدارج تصاعدية تنتهي إلي الرئيس الإداري الأعلى وهو (رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي والوزير في النظام البرلماني).
وتعرف هذه الصورة بقاعدة التبعية حيث تلتزم الدرجات الأدنى بالخضوع للدرجات الأعلى في الجهاز الإداري(1).
وهذا يعني أن تكون هناك تبعية عضوية ترتبط بها جميع المصالح العامة، علي طول السلم الإداري الذي تتجمع حوله الحكومة المركزية وهيئاتها في الأقاليم.
وعلي هذا الأساس فإن المركزية لا تعني تركيز الوظيفة في القمة ولكنها تسمح بإنحدار بعض مظاهر هذه الوظيفة من قمة السلم الإداري تجاه القاعدة، ولوحدات الجهاز الإداري أن تمارس جزاءاً من هذه الوظيفة في حدود اختصاصها علي أن تخضع هذه الوحدات فيما بينها لفكرة التبعية الإدارية للوحدة التي تعلوها(2).
العنصر الثالث: السلطة الرئاسية :
وتعني السلطة الرئاسية أن كل درجة من درجات الجهاز الإداري يوجد علي رأسها رئيس أعلى يتعبه الموظفون الذين يعملون في هذه الدرجة، وتعتبر السلطة الرئاسية أصلاً من أصول الوظيفة العامة حيث تثبت للرؤساء الإداريين دون حاجة لوجود نص قانوني صريح بإقرارها، ولا تنتفي هذه السلطة إلا بنص صريح يقر لموظف معين أو مجموعة من الموظفين اختصاصاً نهائياً دون تعقيب الرؤساء الإداريين(3).
وتتضمن السلطة الرئاسية التي يجريها الرئيس علي مرؤسيه عنصرين أحدهما هو عنصر التوجيه ويهدف إلي إرشاد وتوجيه الموظفين عن طريق إصدار الأوامر والتعليمات تكون واجبة الاتباع والخضوع لها، إلا إذا كانت هذه الأوامر غير مشروعة.
والعنصر الثاني وهو عنصر الرقابة، وهذه الرقابة قد تكون علي أعمال الموظفين أو علي أشخاصهم.
ففي الأولى: للرئيس حق رقابة أعمال مرؤسيه علي إقرارها أو إلغائها أو الحلول محلهم في أدائها.
فمن ناحية يحق للرئيس الإداري إقرار وإجازة تصرفات مرؤسيه وقد يكون هذا الإقرار صريحاً أو ضمنياً ومن ناحية ثانية يستطيع الرئيس الإداري وقف قرارات مرؤسيه أو تعديلها أو إلغائها أو سحبها، إلا إذا ترتب عليه حق للغير ففي هذه الحالة لا يجوز للرئيس إبطالها وكذلك للرئيس حق الحلول محل المرؤوس في تأدية عمله والأصل أن يسري هذا الحق علي كافة المرؤوسين إلا ما استثنى بنص خاص.
وفي الثانية تتضمن هذه الرقابة طريقة تعيين الموظفين وتنقلاتهم وترقياتهم ومسائلتهم تأديبياً(1).



Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:26 pm

يتبع 9
المطلب الثاني
صور المركزية الإدارية
تأخذ المركزية الإدارية في التطبيق العملي إحدى صورتين هما(1):
1- المركزية الكاملة أو المطلقة: وهي تقوم علي تجميع كل الاختصاصات المتعلقة بالوظيفة الإدارية بيد السلطة المركزية وأن تكون سلطة البت النهائي في جميع صور نشاط الوظيفة الإدارية رهن إرادة السلطة التنفيذية المركزية وحدها ويطلق علي هذه الصورة أسلوب التركيز الإداري أو المركزية المتطرفة.
توجد هذه الصورة المتطرفة من المركزية، في بعض الدول الأفريقية والآسيوية التى نالت استقلالها في أوائل الستينات خشية الأنظمة السياسية في أن يتحول أي توزيع للسلطة للأقاليم إلي تمزيق جسم الدولة وتهديد وحدتها السياسية خاصة تلك الأقاليم التي تكثر فيها النعرات القبلية المتحيزة جغرافياً، كما أن ضيق الموارد وضآلة عدد الموظفين عاملان آخران لتركيز السلطة في الرئاسة الإدارية.
غير أنه لم تعد هذه الصورة من نظام المركزية الإدارية أمراً يمكن التحقق، وأصبح في حكم المستحيل أن تمتد يد الوزير إلي كل صغيرة وكبيرة في شئون وزاراته في الأقاليم والمصالح المختلفة.
كما أن ضرورة الإصلاح الإداري تستوجب التخفيف عن الوزراء من ناحية حتى يتفرغوا لأمهات المسائل القومية المشتركة بين جميع أقاليم الدولة، لذلك بدأ الفقه الإداري يشعر بالحاجة إلي تكوين الهيئات التي تتولى أمر النشاط الإداري والبت في بعض الأمور الخاصة بالأقاليم بعيداً عن العاصمة وبإستقلال عن الوزارات(2).
2- المركزية النسبية أو الجزئية:
وهي تقوم علي توزيع سلطة البت النهائي في شئون الوظيفة الإدارية بين السلطات التنفيذية المركزية وبين فروعها في الأقاليم، بحيث يكون لبعض وحدات الجهاز الإداري أن تتصرف فيما يقرره لها القانون من اختصاصات، في البت النهائي في بعض الأمور.
كما يخول لها القانون سلطات تطبيقية بحتة تنحصر في تنفيذ ما أصدرته السلطات المركزية من قرارات.(1)
ويطلق علي هذه الصورة أسلوب عدم التركيز الإداري ويحقق هذا الأسلوب ميزتين فهو من ناحية يخفف العبء من الوزارات التي اتسعت أنشطتها كثيراً ومن ناحية أخرى يحقق الفعالية والكفاءة في ممارسة الإدارة العامة لنشاطها لأن هذه الهيئات المحلية تكون أكثر خبرة ومعرفة بظروف الأقاليم ومشاكلها(2).
تقييم نظام المركزية الإدارية:
يري أنصار المركزية الإدارية، أنها تقوي سلطة الدولة وتدعمها مما يترتب علي ذلك جملة نتائج جوهرية تعتبر من حسنات هذا النظام وأهم هذه الحسنات(3):
1- يؤكد نظام المركزية علي الوحدة القانونية والسياسية للدولة ويسهم بقدر في تثبيت سلطات الحكومة وفي التمكين لها.
2- يقوم النظام المركزي علي توحيد الإدارة وتناسقها ويؤدي ذلك إلي توحيد أنماط وأساليب النشاط الإداري في مختلف مرافق الدولة.
3- تؤدي المركزية إلي تحقيق العدل والمساواة بين المواطنين أمام خدمات الدولة المركزية وتمكنهم جميعاً من الاستفادة من الإمكانيات المادية للدولة.
المبحث الثاني
اللامركزيــــة الإداريـــــة
من أهم الظواهر التي اتسم بها تطور التنظيم الإداري في الدولة الحديثة اتجاه معظم الدولة نحو الأخذ في تنظيمها الإداري بدرجات متفاوتة بالنظام اللامركزي، فإن كان التنظيم الإداري عند بدء ظهور الدولة ، وقد قام علي أساس المركزية الكاملة (المتطرفة) فإنه مع اتساع مجالات النشاط الإداري للدولة المعاصرة لم يعد ممكناً أن يقوم تنظيمها الإداري علي أساس النظام المركزي وحده.
بالرغم من مزايا النظام المركزي، إلا أننا لا يمكن أن نعتمده وحده أسلوباً لتوزيع السلطة الإدارية للأسباب الآتية:
1- إن واجبات الإدارة والمهام الملقاة علي عاتقها قد أصبحت من التعدد والتنوع إلي الحد الذي يصعب معه أن تكون كلها في يد الإدارة المركزية.
2- حتى في صورة عدم التركيز الإداري، فإن المركزية سوف تجعل القرارات العامة رهينة بالإدارة المركزية في العاصمة الأمر الذي يؤدي إلي البطء في اتخاذ القرار وإن هذا البطء سوف يختفي تماماً إذا جعلنا الحاجات الإدارية الإقليمية في يد هيئات محلية من أبناء هذا الإقليم.
3- إن اللامركزية الإدارية تكفل قدراً من العدالة في الإنفاق العام، فيكون لكل إقليم حصيلة من الموازنة العامة.
وسوف نتناول في هذا المبحث اللامركزية الإدارية في ثلاث مطالب نخصص الأول لماهية اللامركزية الإدارية والثاني نعدِّد فيه أساليب اللامركزية الإدارية وفي الثالث نبحث في العناصر الأساسية لنظام اللامركزية ونختم هذا المبحث بتقدير نظام اللامركزية الإدارية.


Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:27 pm

يتبع 10
المطلب الأول
ماهية أسلوب اللامركزية الإدارية
تقوم اللامركزية الإدارية على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية من ناحية وهيئات أخرى تعمل علي أساس إقليمي أو علي أساس وظيفي (مصلحي) وتتمتع بدرجة من الاستقلال عن الحكومة المركزية، ويكون لها شخصية معنوية منفصلة عن شخصية الدولة ولكنها تخضع لرقابتها الوصائية(1).
اللامركزية قد تأخذ ثلاثة أشكال اللامركزية السياسية واللامركزية المصلحية أو المرفقية واللامركزية الإدارية الإقليمية.
فاللامركزية السياسية وضع دستوري يقوم علي توزيع الوظائف المختلفة للحكومة (السلطات الثلاث) التنفيذية والتشريعية والقضائية بين الحكومة القائمة في العاصمة وحكومات شبيهة في مناطق أو أقاليم أو ولايات أو مقاطعات. وقد درج دارسو القانون الدستوري علي تسمية هذا الشكل بالنظام الاتحادي المركزي (الفدرالي)، وتسمى الدول التي تأخذ به دولاً مركبة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا ويوغسلافيا السابقة والسودان، وهذا الوضع يتناسب مع الدول كبيرة الحجم، تلك التي تتعدد فيها القوميات أو التي توجد بها إختلافات واضحة في لغات وثقافات وتقاليد سكان وحداته السياسية المختلفة، وتوزيع السلطات الثلاثة في الاتحاد الفدرالي يتم بمقتضى الدستور، وتوجد هيئة عليا للفصل في المنازعات التي تنشأ يبن الحكومة الفدرالية (الاتحادية) وحكومات الوحدات العليا (وزارة العلاقات الاتحادية في السودان).
والشكل الثاني هو اللامركزية الإدارية المصلحية أو (المرفقية) وهو أسلوب تنظيمي توزع بمقتضاه الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وهيئات مستقلة تتحدد اختصاصاتها علي أساس موضوعي وتمارس هذه الاختصاصات علي مستوى الدولة وهو ما تعارف عليه بالمؤسسات العامة، وتضطلع باختصاصات محددة علي أساس وظيفي، وقد نشأ هذا الأسلوب حديثاً بهدف إدارة هذه المؤسسات العامة علي أسس تجارية، الأمر الذي اقتضى إبعادها عن المؤثرات السياسية، وتحرير أسلوب إدارتها من بعض الإجراءات البيروقراطية المتبعة في الجهاز الإداري.
أما اللامركزية الإدارية الإقليمية تعمل علي خلق عدد من الأشخاص الإدارية العامة بجانب الدولة لكل منها ذمته المالية المستقلة وكيانه القانوني الخاص. والأصل في تكوين هذه الأشخاص الإدارية المحلية أن تتخصص في إدارتها مجالس تتألف في مجموعها أو في أغلبها من أعضاء منتخبين بواسطة الشعب.
ويتضح مما تقدم أن لنظام اللامركزية الإدارية جانبين، جانب قانوني وجانب سياسي فالجانب القانوني يتمثل في تفتيت ظاهرة التركيز في ممارسة السلطات العامة في الدولة، والجانب السياسي يتمثل فيما تقوم عليه اللامركزية الإدارية في توسيع مفهوم الديمقراطية حتى تنقل سلطة التقرير النهائي للشئون العامة إلي هيئات محلية(1).
وبالرغم من القاعدة في الفقه التقليدي، إن اللامركزية الإقليمية واللامركزية المصلحية أو المرفقية هما صورتان لمشكلة واحدة تدور حول توزيع الوظيفة الإدارية بين أكثر من هيئة عامة وإن كان التوزيع يختلف في الحالتين فهو شخصي في الأولى وموضوعي في الثانية (نوع النشاط وطبيعة التصرفات والأعمال الممنوحة لهيئة عامة بغض النظر عن جماعة الأفراد الذين تمارس في مواجهتهم هذا النشاط).
غير أنه قد قام رأي في الفقه(2) يعارض هذا الإستقرار يؤكد أن فكرة اللامركزية المصلحية لا علاقة لها بمفهوم اللامركزية الإدارية وأنها تتصل بموضوع تركيز أو عدم تركيز الاختصاصات الإدارية في يد الجهاز التنفيذي مركزياً كان أو لا مركزياً.
ويرى هذا الاتجاه أن اللامركزية المصلحية استثناء من قاعدة تركيز النشاط الإداري الخاص بالمرافق العامة في يد الحكومة المركزية وهو ما يسمى بأسلوب عدم التركيز الإداري وهو ليس من صور اللامركزية بقد ما هو تطوير داخل النظام المركزي(1).
المطلب الثاني
أساليب اللامركزية الإدارية
تختلف الدول في تحديد الخط الفاصل بين القطاع المركزي والقطاع اللامركزي تبعاً لظروف كل دولة ويمكن التمييز بين أسلوبين متعارضين في هذا الشأن(1).
1- الأسلوب الإنجليزي (نظام الحكم المحلي):
ويقوم علي أساس تحديد المشرع لإختصاص الهيئات اللامركزية علي سبيل الحصر وترك باقي الاختصاصات للجهات المركزية بحيث يكون لهذه الأخيرة الولاية الشاملة بينما لا يجوز للهيئات اللامركزية الخروج علي إختصاصاتها المحددة في القانون، هذا علي أن تكون للهيئات المحلية أن تمارس اختصاصاتها بحرية تامة تحت رقابة البرلمان والقضاء أساساً، مع رقابة محدودة للحكومة المركزية(2).
بالإضافة إلي الأخذ بقاعدة تعدد الأنماط والأساليب الإدارية بقدر تعدد الهيئات الإدارية الإقليمية، بحيث يكون لكل هيئة منها أسلوبها الخاص ونمطها المتميز طبقاً لظروف الأقاليم الجغرافية وتبعاً لاحتياجاتها المحلية(3).
2- الأسلوب الفرنسي (نظام الإدارة المحلية):
ويقوم هذا النظام علي أساس أن يمنح القانون للهيئات المحلية الولاية العامة في الشئون المحلية بحيث لا يخرج من اختصاصها من هذا المجال إلا ما يستثنى بالنص صراحة للسلطات المركزية، علي أن تخضع الهيئات المحلية في ممارستها لهذه الاختصاصات لنوع من الرقابة أكثر دقة وإحكام من مثيلاتها في النظام الإنجليزي فهي تخضع لرقابة
البرلمان والقضاء كما تخضع لرقابة واسعة المدى من جانب الحكومة المركزية.(4)
المبحث الثالث
العناصر الأساسية لنظام اللامركزية الإدارية
إن مضمون اللامركزية الإدارية هو الإقرار بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية العامة وأن يعهد بإدارة هذه المصالح المحلية إلي هيئات محلية مستقلة ويمكن القول بأن العناصر الأساسية اللامركزية الإدارية تتمثل في الآتي:
1- الإقرار بمصالح محلية تتميز عن المصالح القومية العامة.
2- وجود هيئات محلية مستقلة عن السلطة المركزية تستقل بإدارة تلك المصالح.
3- توافر الرقابة علي هذه الهيئات المحلية في مباشرة اختصاصاتها من قبل السلطة المركزية.
أولاً: وجود مصالح محلية تتميز عن المصالح القومية:
مضمون فكرة اللامركزية هو اقتطاع جزء من الوظيفة الإدارية من اختصاص السلطة التنفيذية وإسناده إلي هيئات إقليمية ويتفرع عن ذلك تمتع هذه الوحدات أو الهيئات اللامركزية بشخصية معنوية مستقلة، ويكون لهذه الهيئات ذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة وأهلية قانونية خاصة بها(1).
ويختلف مدى المصالح المحلية التي تسند إدارتها إلي الهيئات اللامركزية باختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكل دولة.

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:29 pm

يتبع 11
ثانياً: وجود هيئات مستقلة عن السلطة المركزية، تستقل بإدارة المصالح المحلية:
يجب أن تعهد إدارة الهيئات المحلية لسلطة إدارة محلية تتولى تمثيلها في ممارسة الاختصاصات الإدارية التي يقررها القانون(2).
إذا كان الفقه الإداري يسلم بضرورة تمتع السلطات المحلية بقدر من الاستقلال في مواجهة السلطة المركزية إلا أن الخلاف يثور حول كيفية تحقيق هذا الاستقلال.(1)
ذهب فريق غالب في الفقه إلي أن ذلك الإستقلال يتطلب أن يتم تكوين السلطات الإدارية المحلية عن طريق الانتخاب، ويعتبر شرطاً لازماً لإستقلال السلطات المحلية بإعتبار أن الإنتخاب وحده هو الذي يكفل تحقيق الاستقلال ولان اللامركزية تعد من دعائم الديمقراطية في مجال الإدارة(2).
ويرى فريق آخر من الفقه بعدم اعتبار الإنتخاب شرطاً لازماً لإستقلال السلطات المحلية ويمكن تكوين الهيئات المحلية عن طريق التعيين بالضمانات الكافية للأعضاء المعينين وإستقلالهم في ممارسة عملهم بعيداً عن سيطرة الإدارة المركزية وهيمنتها(3).
ويسوق أنصار هذا الرأي اعتبارات الأخذ بوسيلة التعيين، إن الانتخاب قد يأتي بأعضاء لا تتوافر فيهم الكفاية المنشودة وفي ذلك إضرار بصالح الإقليم وبالتالي بصالح الدولة.
وفي ضوء ما تقدم نؤيد ما ذهب إليه الرأي الثاني الذي يري أن الانتخاب ليس شرطاً يلزم توافره لإستقلال السلطة المحلية.
ثالثاً: الرقابة الإدارية:
إن إستقلال السلطات المحلية بمباشرة اختصاصاتها يجب ألا ينظر إليه علي أنه استقلال مطلق بحيث تستقل هذه الهيئات المحلية عن السلطة المركزية تماماً وإلا لأصبحت الهيئات المحلية دولاً داخل دولة.
فرقابة السلطة المركزية علي الهيئات المحلية ضرورة يجمع عليها أهل الفقه حرصاً علي صيانة الوحدة القانونية والسياسية للدولة.
وتأتي أهمية الرقابة علي السلطات المحلية من ناحية أخرى للحد من ميل هذه السلطات إلي الإسراف في حماية مصالحها المحلية.
بالرغم من اتفاق الفقه الإداري بضرورة رقابة السلطة المركزية علي الهيئات المحلية إلا أن البحث يثور حول وسائل هذه الرقابة ومداها.
ويمكن أن نميز في نطاق هذه الرقابة ومداها بين أسلوبين متعارضين وفيما يلي بيان ذلك:
أولاً : الرقابة علي الهيئات المحلية في النظام الإنجليزي:
إن قدم تجربة الإدارية المحلية في بريطانيا قد أدى إلي تدعيم استقلال اختصاصات الهيئات المحلية في النظام الإنجليزي، والسلطات المركزية ترعى إستقلال هذه الهيئات وتقدم لها العون والمشورة، والرقابة في النظام الإنجليزي القصد منها ليس الحد من حربة هذه الهيئات المحلية إنما القصد هو التحقق من توفير أكبر قدر من الفاعلية والكفاية لنشاطها وإدارتها للمرافق المحلية التي تدخل في اختصاصها.
وسبق لنا أن رأينا أن النظام الإنجليزي يحدد اختصاص الهيئات المحلية علي سبيل الحصر ومن ثم فإن وضوح حدود اختصاص هذه السلطات المحلية يلازمه من الناحية المنطقية تمتعها بقدر وافر من الحرية في مباشرة هذه الاختصاصات وتأخذ السلطات المركزية في رقابتها علي السلطات المحلية عدة وسائل نستعرض بعضها:
1- رقابة القضاء:
معلوم أن الرقابة القضائية علي أعمال الإدارة في النظام الإنجليزي تقوم علي قاعدة القضاء الموحد ومعنى هذه القاعدة كما أسلفنا من قبل أن تخضع الدولة كالأفراد للقانون العادي وللمحاكم العادية سواءً بسواء وإن هذه الرقابة لا تقف عند حد إلغاء الأوامر الإدارية الفردية والتنظيمية المخالفة للقوانين واللوائح ولكنها تمتد إلي أبعد من ذلك حيث لا يعرف النظام الإنجليزي قاعدة استقلال الإدارة في مواجهة القضاء فللقاضي أن يصدر الأوامر والنواهي الملزمة للإدارة.
2- تفتيش أعمال الهيئات المحلية وإسداء النصح إليها وتقديم تقارير سنوية عن أعمالها.
3- التظلم إلي الوزير: وتمثل هذه الصورة من الرقابة تعقيب السلطة المركزية علي ما تتخذه الهيئات المحلية من قرارات في بعض المسائل التي تؤثر في حقوق الأفراد ويكون للأفراد حق التظلم إلي الوزير المختص في شأن هذه القرارات.
4- للسلطة المركزية حق الحلول محل الهيئات المحلية إذا قصرت هذه الأخيرة في أداء واجباتها والحق في الحلول يأخذ صورتين في التطبيق.
ففي الصورة الأولى: إذا قدر الوزير المختص أن سلطة محلية قد قصرت في أداء الواجب المفروض عليها أو مباشرة عمل معين فله أن يصدر أمراً بذلك فإذا مانعت السلطة المحلية عن تنفيذ هذا الأمر فإن للوزير أن يلجأ إلي المحكمة العليا لإستصدار أمر قضائي بإلزام السلطة المحلية بأداء ذلك الواجب.
والصورة الثانية تمثل فيما تنص عليه بعض التشريعات إن من حق الوزير المختص إذا رأى هناك تفسير من قبل السلطة المحلية أن ينقل الوزير الاختصاص من السلطة المحلية إلي سلطة محلية أخرى أو إلي الوزير نفسه.
ثانياً: الرقابة علي الهيئات المحلية في النظام الفرنسي:
يطلق علي الرقابة علي الهيئات المحلية في النظام الفرنسي (الوصاية الإدارية) وهي في قواعدها علي العكس من الرقابة الموجودة في النظام الإنجليزي حيث تختص المجالس المحلية كل في حدود نطاقه الإقليمي بكل مرافق هذا الإقليم إلا ما ستثنى بنص خاص يمنح الاختصاص به صراحة للسلطات المركزية وتخضع الهيئات المحلية لنوع من الرقابة أكثر دقة وإحكام عنه في النظام الإنجليزي(1).
وتمارس السلطة المركزية وفق هذا النظام رقابتها علي الهيئات المحلية في إحدى صورتين فقد تنصب هذه الرقابة علي الهيئات المحلية ذاتها وقد تتناول أعمال وتصرفات الهيئات المحلية(1) .
i- الرقابة علي الهيئات المحلية وأعضائها:
وتتمثل هذه الرقابة في حق السلطات المركزية في تعيين كافة أعضاء هذه الهيئات المحلية توقيع جزاءات تأديبية في حالة ارتكابهم المخالفات الإدارية كما يعطي القانون للسلطة المركزية حق وقف أحد هذه الهيئات المحلية.
ii- الرقابة علي أعمال الهيئات المحلية:
وتتمثل هذه الرقابة فيما تملكه السلطات المركزية من حقوق في مواجهة أعمال الهيئات المحلية وإجراءات تنفيذها علماً بأن هذه الرقابة لا تتناول جانب مشروعية هذه الأعمال لكنها إلي جانب الملاءمة(2).
وتتمثل هذه الصورة من الرقابة علي ما يلي:
1- أن تخضع أعمال وتصرفات الهيئات المحلية لضرورة الحصول علي إذن سابق أو تصديق لاحق من السلطة المركزية.
2- للسلطة المركزية الإختصاص في حالات معينة بإلغاء قرارات الهيئات المحلية، ويكون هذا مقرراً فقط في حالة عدم مشروعية قرار الهيئات المحلية غير أنه في حالات أخرى يمتد اختصاص السلطة المركزية بإلغاء قرارات الهيئات المحلية(3).
3- حلول السلطة المركزية محل الهيئات المحلية في أداء الواجبات التي تمتنع الهيئات المحلية عن القيام بها رغم إلتزامها القيام بذلك قانوناً ويطلق علي تصرف السلطة المركزية في هذه الحالة إصطلاح الحلول.
وحق الحلول من قبل السلطة المركزية لا يكون إلا في حالة امتناع الهيئات المحلية عن القيام بعمل مفروض عليها قانوناً، أي أن الحلول لا يكون إلا لعدم مشروعية امتناع الهيئة المحلية عن التصرف، وممارسة السلطة المركزية لحقها في الحلول محل الهيئات المحلية ليس جائزاً إلا في الحالات التي يخولها القانون بذلك صراحة، أي أنه لا يوجد اختصاص عام للسلطة المركزية بالحلول محل الهيئات المحلية في أداء ما تقصر فيه هذه الأخيرة من واجبات وأعمال يفرضها القانون(1).
التمييز بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية:
تقوم اللامركزية الإدارية علي توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وهيئات أخرى تمارس اختصاصاتها علي أساس إقليمي أو مرفقي، أما اللامركزية السياسية فتعتبر نوعاً من أساليب التنظيم الدستوري للدولة، وتعرف بالنظام الاتحادي أو الفدرالي، ويقوم التمييز بين النظامين علي أساس أن نظام اللامركزية الإدارية مجرد أسلوب إداري يتصل بطريقة تسيير الوظيفة الإدارية في الدولة أما الثانية فتعد نوعاً من أساليب الحكم في الدولة وتقوم علي حساب وحدتها التشريعية والتنفيذية والقضائية(2).
فيري بعض الكتاب أن الفارق بين النظامين هو مجرد فارق في الدرجة والمدى، ففي اللامركزية الإدارية تتوزع الوظيفة الإدارية أما في اللامركزية السياسية فيشمل التوزيع إلي جانب سلطة التنفيذ سلطتي التشريع والقضاء(3). والفارق الجوهري بين النظامين أن اللامركزية الإدارية لا تخول لأقاليم الدولة أي اختصاص تشريعي أو قضائي محلي، بل يخول لها بعض مظاهر الوظيفة الإدارية طبقاً للقانون(4).
ويري البعض الآخر من الفقه أن الفارق بين النظامين هو فارق في الطبيعة والجوهر فيقوم الدستور بتوزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة والهيئات اللامركزية (المحلية)(1) .
كما تخضع وحدات اللامركزية الإدارية للرقابة الوصائية من جانب الحكومة المركزية، أما الولايات في الاتحاد الفدرالي تملك اختصاصات أصيلة ونهائية تستمدها من الدستور الاتحادي.
بالرغم من هذه الفروق الجوهرية بين النظامين فقد ذهب رأي في الفقه(2)، إلي محاولة التقريب بين الفكرتين علي أساس أنهما مظهران لمشكلة واحدة تتعلق أساساً بالتنظيم الحكومي في الدولة.
ونرى بأرجحية رأي الفقه التقليدي بإنعدام محاولة التقريب بين النظامين لجملة الفروق التي كشفنا عنها فيما سبق.
تقدير النظام اللامركزي:
إن النظام اللامركزي بالرغم من أنه نظاماً إدارياً إلا أنه لا يتجرد من الطابع السياسي، وعند تقدير هذا النظام لابد من النظر إلي مزاياه وعيوبه السياسية أيضاً علاوة على مزاياه وعيوبه الإدارية.(3)
فمن الناحية السياسية فإن النظام اللامركزي نظام ديمقراطي، إذ يسمح لسكان الإقليم بإختيار أعضاء منهم للإشتراك في إدارة الشئون المحلية.
وبالرغم من ذلك فمن أهم المساوئ السياسية لهذا النظام قيامه بخلق مجموعة من الوحدات الإدارية المستقلة داخل الدولة وأن في ذلك مساس بالوحدة السياسية للدولة وقد يؤدي إلي تفتيت وحدة السلطة العامة داخل الدولة ويرى الأستاذ الدكتور طعيمة الجرف أنه لا يصح الإغراق في توهم هذا الخطر لسببين(1):
الأول: أنه لا يزال سمة فارق جوهري يفصل بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية فاللامركزية الإدارية لا تتصل إلا بتوزيع الوظيفة الإدارية وحدها دون الوظائف التشريعية والقضائية التي تظل موحدة رغم الأخذ بالأسلوب اللامركزي.
الثاني:إن الهيئات المحلية لا تزال خاضعة للرقابة الإدارية التي تمارسها عليها الهيئات المركزية وليس في شك أن ممارسة هذه الرقابة لابد أن يساعد علي تحقيق قدر من الانسجام والتجانس في أعمال الوظيفة الإدارية.
ومن الناحية الإدارية فإن أهم محاسن النظام اللامركزي تتركز في تخفيف العبء علي الحكومة المركزية وذلك لإستحالة قيام السلطة التنفيذية وحدها بمباشرة الوظيفة الإدارية بعد أن اتسع نطاقها وذلك نتيجة لتدخل الدولة في الميادين المختلفة(2).
وإن النظام اللامركزي يقوم بمنح الوحدات الإدارية المحلية الاستقلال التام في إدارة المشاريع والمرافق المحلية المتصلة بالحاجات المحلية.
وعلى الرغم من ذلك ومما يعد من مساوئ النظام اللامركزي، من الناحية الإدارية خلق مجموعة من الوحدات المستقلة المتخصصة في الشئون المحلية قد يكون سبباً لتفضيلها المصالح المحلية علي المصالح القومية علاوة مما قد يوجده من تنابذ بين الهيئات اللامركزية، إلا أن إحكام الرقابة الإدارية والقضائية يؤيدان إلي تحديد هذا الخطر والقضاء عليه(3).
تطبيقات
1. ما اثر العموامل السياسية في تحديد نوعية التنظيم الاداري في الدوله ؟
2. هل هناك فرق بين مصطلحي (الحكم المحلي ) و(الادارة المحلية) ؟
3. ماهو مدلول اللامركزية ،ثم عدد الصور التي تتخذها ؟
4. تعد الرقابة الادارية من اهم عناصر اللامركزية الادارية ، ميز في نطاق هذه الرقابة ومداها بين النظامين الانجليزي والفرنسي ؟
5. وازن بين نظامي المركزية الادارية واللامركزية الادارية من حيث تركيز وتخويل السلطة ؟
6. ماهو الخط الفاصل بين القطاع المركزي واللامركزي في نظام اللامركزية الادارية ؟ او
7. عدد اساليب نظام اللامركزية الادارية ؟
8. ما مدى تاثير العوامل التكنلوجية (استخدام الحاسبات الالية ) علي التنظيم الاداري وتعامله ، وعلي النظم المحلية علي وجه التخصيص؟
9. ما الفرق بين حلول السلطة المركزية محل الهئيات المحلية في كل من النظامين الانجليزي والفرنسي في ظل نظام اللامركزية الادارية ؟
10.هل الفارق بين اللامركزية الادارية واللامركزية السياسية فارق في الطبيعة فحسب ؟


Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:31 pm

يتبع 12
الباب الثالث
نشاط الإدارة (أعمال الإدارة العامة)
تمهيد وتقسيم:
يمكن إجمال نشاط الإدارة "أعمال الإدارة العامة" في صياغة النظام العام والوفاء بالحاجات الجماعية للأفراد ولتحقيق هذه المهمة تتدخل الإدارة في مختلف ميادين النشاط الفردي بأوضاع متعددة وبدرجات متفاوتة مع تمتعها بإمتيازات السلطة العامة.
بالرغم من تمتع الإدارة العامة بإمتيازات السلطة العامة إلا أن تصرفاتها يجب أن تأتي طبقاً للقانون.
ويقتضي البحث تقسيم هذا الباب إلي مباحث متعددة كما يلي:
الفصل الأول: مفهوم مبدأ المشروعية ومدى خضوع سلطات الدولة الإدارية للقانون.
الفصل الثاني: الضبط الإداري
الفصل الثالث: القرار الإداري.
الفصل الرابع: المسئولية التقصيرية للإدارة.
الفصل الخامس: العقود الإدارية.
الفصل الأول
مبدأ المشروعية ومدى خضوع سلطات الدولة الإدارية للقانون
تمهيد وتقسيم:
الدولة الحديثة دولة خاضعة للقانون، بمعنى أن تصرفات السلطات العامة فيها متفقة مع أحكام القانون بمدلوله العام.
ومبدأ المشروعية يعني خضوع الدول للقانون حاكماً ومحكومين، غير أن خضوع الدولة للقانون لا يمكن أن يكون رهيناً بإرادتها فحسب فإن شاءت خضعت أحجمت وإنما يتعين إلزامها الخضوع، ومن هنا نشأة فكرة الرقابة علي أعمال الدولة المختلفة، وذلك تفادياً لخروج الدولة علي القانون وضماناً لإحترامها لقواعده وأحكامه.
تقتضي دراسة مبدأ المشروعية أن تقسم علي النحو التالي:
المبحث الأول: مفهوم مبدأ المشروعية ومدى خضوع الإدارة للقانون.
المبحث الثاني: القيد الوارد علي مبدأ المشروعية "الظروف الإستثنائية".
المبحث الثالث: رقابة مبدأ المشروعية.
المبحث الأول
مفهوم مبدأ المشروعية
المعنى العام للمشروعية:
تتميز الدولة القانونية بخضوعها لمبدأ المشروعية، ومقتضى هذا الخضوع يتمثل في مطابقة أعمالها للقواعد والقوانين التي يتكون منها النظام القانوني للدولة. سواء أكانت هذه الأعمال في مجال القانون العام أو الخاص.
إن مبدأ المشروعية إذن يعبر عن القاعدة التي تتصرف الإدارة بمقتضاها طبقاً للقانون في كل ما تجربه من أعمال،ويقصد بالقانون كل قاعدة قانونية يتألف منها النظام القانوني للدولة علي إختلاف مراتبها وأشكالها.
ويتألف النظام القانوني للدولة من مجموعة من القواعد القانونية المتدرجة في القوة، حيث تقف القواعد الدستورية علي قمة النظام القانوني. وتلي القواعد الدستورية في المرتبة، القواعد التشريعية العادية التي تعبر عن الإدارة العامة للأمة في مجال التشريع الذي تسنه.
وفي نهاية سلم التدرج تأتي الأعمال الإدارية وهي وسيلة الإدارة في الإفصاح عن إرادتها من أجل تنفيذ القوانين وتسيير النشاط المرفقي والضبطي.
أهمية مبدأ المشروعية:
ترجع أهمية الأخذ بمبدأ المشروعية إلي أنه يبين الحدود الفاصلة بين حقوق كل من الحكم والمحكوم، بحيث يخضع الحكام فيما يقومون به من أعمال وما يتخذونه من قرارات للإطار العام للنظام القانوني في الدولة. وعلي ذلك فإن مبدأ المشروعية قد أصبح من المبادئ القانونية العامة التي يجب تطبيقها في كل الدول، وذلك بغض النظر عن الإتجاهات السياسية والإقتصادية والاجتماعية التي تحكم النظام القانوني في الدولة، فالمبدأ لا يتعلق بنظام معين أو بفلسفة بعينها، فهو ليس وفقاً علي النظم الديمقراطية أو المذهب الحر، بل هو مبدأ عاماً ينطبق حكمه بإستمرار في كل مجتمع وبالنسبة لكل سلطة، أياً كانت الفلسفة الإجتماعية للنظام السياسي، بحيث إذا أهدر هذا المبدأ، صارت الدولة بوليسية.(1)
والناظر لدستور جمهورية السودان الإنتقالي لسنة 2005م، نجده لم يتضمن باباً خاصاً لسيادة حكم القانون بل أنه تضمن نصوصاً ترسى مبادئ موجهات عامة يجب مراعاتها.
ثم وضع من بعد ذلك الضمانات التي تكفل مبدأ المشروعية فقرر مبدأ استقلال القضاء في المادة (123) وتقرأ كما يلي:
1. تسند ولاية القضاء القومي في جمهورية السودان السلطة القضائية القومية
2. تكون السلطة القضائية مستقلة عن الهيئة التشريعية والسلطة التنفيذية.
كما تضمن الدستور مبادئ لحماية الحقوق والحريات والحرمات في المواد من 27 إلي 48 من الدستور.

مبدأ المشروعية بين النظم اللبرالية والنظم المذهبية:
يختلف معنى المشروعية في النظم اللبرالية (النظم الديمقراطية الغربية) عنها في النظم المذهبية (النظم الإشتراكية وغيرها).
فالمشروعية في النظم اللبرالية تأخذ صورة سيادة حكم القانون، والأصل في هذه السيادة أنها شكلية أي قائمة علي التدرج بين القواعد التشريعية، بحيث يكون الدستور هو قمة هذه القواعد وأعلاها، فيجب أن يصدر القانون من السلطة التشريعية في حدود الدستور وإلا كان معيباً بعدم الدستورية، وكذلك يجب أن تصدر اللائحة في حدود القانون وفي الحدود التي يجوز فيها إصدار اللوائح، فإذا إستلزم الأمر إصدار لائحة أدنى وجب أن تكون في حدود اللوائح الأعلى علي تدرجها، كذلك العرف يجب أن يكون في حدود القانون ولا يعترف بعرف مخالف للقواعد التشريعية فيما صدر فيه.
وسيادة القانون بالمعنى الشكلي اللبرالي تقضي إيجاد تنظيم مسبق، أي قواعد تنظيمية موضوعية سلفاً من السلطة التشريعية، لتحكم جميع الأوضاع والمراكز القانونية ومن ثم كان التصرف العام الفردي الذي لا يستند إلي قاعدة عامة مسبقة من قبل يكون منعدماً، ويكون قرين التعسف والتحكم فيه إخلال بالمساواة والعمومية الواجبة في المراكز التنظيمية والقانونية بين الأفراد.
وأما المشروعية في النظم المذهبية فتتخذ صورة ما يسمى بالمشروعية العليا، وتقوم هذه الفكرة علي إعتبارات أو قواعد أعلى من النظام القانوني بتدرجه السالف، وهذه الإعتبارات والقواعد هي (الشرعية الإشتراكية) وهذا المفهوم للمشروعية يختلف عن المفهوم السائد في النظم اللبرالية فهي تعني إستخدام القانون كأداة لتدعيم النظام الاقتصادي الاجتماعي الإشتراكي.. فالقانون عندهم ملزم للجميع إلا أن احترامه ليس لقداسته الذاتية وإنما بإعتباره أداة لتنفيذ السياسة الإشتراكية العليا وصولاً لمرحلة الشيوعية.
وفق النظام المذهبي، نجد أن المذهب يشكل هذه المشروعية العليا في الدولة، فلا يجوز أن يقرر دستورها مبدأ مخالفاً للمذهب، ولا تصدر تشريعاتها بالمخالفة له. ومن باب أولى فلا يجوز أن تصدر التصرفات الإدارية بالمخالفة لذلك، والدولة الإسلامية دولة مذهبية باعتبار أن المذهب من الناحية القانونية، هو المشروعية العليا والتي توجد في الدولة وتهيمن علي تشريعات الوضعية، ومن الناحية الاجتماعية، هو العقيدة التي يعتقنها المجتمع من قيم معينة والمذهب يمثل العقيدة الرسمية للدولة (فكر أيديولوجي).
إلا أن المذهبية الإسلامية تختلف عن المذهبية الإشتراكية، فالمذهبية الاشتراكية تصدر عن حتمية اقتصادية تتطلب منع الإستغلال ومنع الصراع الطبقي وسيادة طبقة البروتارية، أما المذهبية الإسلامية فتصدر عن حتمية توحيد الله والإيمان والإلتزام الشرعية الإسلامية.
ففي النظام الإسلامي هناك مشروعية عليا ويجب أن تعلو علي النظام القانوني في درجة السالف فيجب ألا تخالف هذه المشروعية الإسلامية العليا.
آراء الفقهاء حول مدى خضوع الإدارة للقانون:
تعد السلطة التنفيذية أشد السلطات خطراً علي حقوق وحريات الأفراد، نظراً لوظيفتها التي تمس مباشرة حقوق وحريات الأفراد، أما السلطة التشريعية والتي تتصل بوظيفتها بوضع قواعد عامة ومجردة تضبط أنواع السلوك الإجتماعي في الدولة وتخضع لقواعد الدستور في هذه المهمة، أما السلطة القضائية التي تتصل وظيفتها في الفصل في المنازعات تطبيقاً للقانون وحماية للحقوق والحريات، فلا خطر منهما علي الأفراد.
معلوم أن السلطة التنفيذية لها جانبان، جانب حكومي وآخر إداري، فالاول يرسم السياسة العامة للدولة والثاني هو الذي تتدخل السلطة التنفيذية بواسطته لتنفيذ القوانين وتسير المرافق العامة في الدولة، وهذا الجانب يؤثر في حياة الأفراد بحيث يمكن أن تتعسف الإدارة في ممارسة وظيفتها بالعدوان علي الأفراد، ولا يكونون في مأمن ما لم تتقيد هذه الإدارة بالقانون.
انقسم الفقه إلي ثلاثة اتجاهات حول مدى خضوع الإدارة للقانون عند القيام بأعمالها(1).
الاتجاه الأول:
ذهب أنصار هذا الاتجاه إلي أنه يتعين اتفاق كافة أعمال الإدارة القانونية والمادية من حكم القانون، أي أن عمال الإدارة تعتبر مشروعة ما لم تخالف القانون، ونلاحظ أن هذا الإتجاه يميل إلي توسيع سلطة الإدارة ، لأنه يفسر مبدأ المشروعية تفسيراً ضيقاً، فالإدارة لها حرية التقدير فيما تؤديه من أعمال ما لم تخالف أحكام القانون.
الإتجاه الثاني:
ومواده أن المقصود بخضوع الإدارة للقانون هو ضرورة إستنادها في كل تصرفاته علي أساس من القانون فلا يكفي أن يكون عمل الإدارة أو تصرفها غير مخالف للقانون فحسب، بل يجب أن يكون مستندا ًومبنياً علي قاعدة قانونية تجيزه، ووفق هذا الاتجاه نجد تفسير أوسع من سابقه لمبدأ المشروعية ويتبع ذلك تضييق سلطة الإدارة التنفيذية.
الإتجاه الثالث:
ويذهب هذا الاتجاه إلي أن أعمال الإدارة وتصرفاتها لا تكون مشروعة إلا إذا كانت مجرد تنفيذ أو تطبيق لقاعدة قانونية عامة قبل مباشرة التصرف، إن هذا الاتجاه يؤدي إلي توسيع مبدأ المشروعية علي حساب سلطة الإدارة التقديرية وحريتها في التصرف، فنراه قد قيد تصرفاتها لحد بعيد، فجعل منها أداة لتنفيذ القانون، سالباً إياها كل قدرة على الإبتكار في أدائها لوظائفها وفي مواجهة الظروف الإستثنائية.
يستبعد الأخذ بمبدأ الاتجاه الثالث لان العمل به يؤدي إلي عرقلة الإدارة ويصطدم مع واقع القانون الذي يمنح الإدارة كثيراً من الاختصاصات يتجاوز فيها مجرد تنفيذ القانون ويترك لها الحرية في إبتكار الحلول المناسبة بوضع القواعد المستحدثة والتي لا يمكن اعتبارها مجرد تنفيذ لقواعد قانونية سبق وضعها.
أما الاتجاهين الأول والثاني: فإنهما يتفقان مع الإجماع المنعقد حول ضرورة تقيد الدولة بالقانون وخضوعها لأحكامه مع عطاء الهيئات العامة من سلطات التقدير الحر لكثير من تصرفاتها، حتى تتمكن من حسن ادائها لوظائفها، وحتى لا تنقلب نشاطها علي نشاط آلي يعطل سير المرافق العامة، كما انه يقل يد المشرع ولا يحرم القضاء من تقرير بعض الإمتيازات لجهد الإدارة بما يسمح لها لعدم التقيد بآلية الخضوع جزئياً وبشروط خاصة.



Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:33 pm

يتبع 13
مصادر المشروعية:
إذا كانت المشروعية تعنى وجوب مطابقة الإدارة للقانون فما هو مفهوم القانون الذي يجب أن تكون الإدارة متفقة مع قواعده؟ هل هو التشريع بالمعنى الضيق أي ذلك العمل التشريعي الصادر عن السلطة التشريعية، أم أنه كل قاعدة قانونية يتألف منها النظام القانوني للدولة القانونية.
إن إتساع مجالات النشاط العام في الدولة الحديثة، قد أدى إلي عدم إمكانية الإكتفاء بالقانون الصادر عن السلطة التشريعية مصدراً وحيداً للمشروعية، وإلي ضرورة الإعتراف لجهة الإدارة بحق التشريع في المجالات التي تعجز عن مواجهتها السلطة التشريعية، كما هو الشان في مواجهة الظروف الإستثنائية التي تطلب إجراءات تأخذها السلطة الإدارية لما لها من قدرة علي سرعة الحركة، وفي مواجهة بعض الأمور الفنية التي تحتاج إلي خبرات معينة تتمتع بها السلطة التنفيذية. وهكذا اتسعت المجالات التي تمارس فيها الإدارة وأجهزتها الفنية والمهنية المتخصصة نشاطاً تشريعياً في صورة ما يسمى باللوائح الإدارية.
مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي:
لم يكن مبدأ المشروعية من صنع الفكر القانوني الحديث، فالشرائع السماوية نادت بضرورة الخضوع للمشروعية، فالدين المسيحي بالرغم من المبدأ السائد فيه (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله) إلا أن السلطة الدنيوية تترك للحكام، ويوصى بضرورة طاعة الحكام.
وجاء الإسلام لإعلاء حكم القانون (الشريعة) فقيد السلطة الحاكمة وألزمها بمبادئ عامة لا يجوز الخروج عن إطارها، وهذه المبادئ تتألف منها المشروعية الإسلامية العليا.
فالدولة في النظام الإسلامي وليدة القانون، إذ تكونت بعد نزول القرآن في مكة علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمبدأ المشروعية هو المرتكز عليه للنظام الإسلامي ولا تكون الدولة الإسلامية دولة شرعية إلا بخضوعها لحكم الله، فحقيقة المشروعية الإسلامية هي التضامن في تنفيذ ما أمر الله به ومنع ما نهي الله عنه، وهذه المشروعية تضامنية لطبيعة التكوين التضامني في الجماعة الإسلامية.
ومن خصائص هذه المشروعية الإسلامية إنها مشروعية ربانية، حيث يستمد الإنسان شرعه من الله سبحانه وتعالى فلا يضل، وهذه المشروعية الربانية تحمل في طياتها الحراسة والحماية لنظامها.
وصف هذه المشروعية بالربانية، لا تجعل النظام الإسلامي نظاماً أوتوقراطياً، بعفي الحكام من المسئولية، فيقف الجميع أمام هذه المشروعية حكاماً ومحكومين,
ومن خصائصها أيضاً أنها مشروعية ثابتة ومرنة وشاملة، تأخذ صفة الثبات من ثبات مصدرها الأصيل وهو الوحي، ثم ثبات الأصول الكلية المستمدة منه وهذا ما تفقده أي مشروعية أخرى.
وتوصف المشروعية الإسلامية بأنها مشروعية عادلة، حيث أن شرعية الله تعالى أساسها العدل.مصادر المشروعية:
المقصود بمصادر المشروعية في النظام الإسلامي، الأحكام التشريعية التي تتألف منها هذه المشروعية، وهذه الأحكام التشريعية بعضها من نصوص القرآن والسنة أو ملحقة بهما، كشرع من قبلنا وقول الصحابي، ودلائل أخرى أقامها الشارع ليهتدي بها في التشريع حيث لا يوجد نص من القرآن أو السنة، ومن أظهر هذه الدلائل الإجماع، ومن الدلائل أيضاً ما بنى عليها بعض المجتهدين اجتهادهم كالقياس والاستحسان والمصلحة المرسلة، ومنها ما يعتبر قواعد فقهية يستعين بها المجتهدون في البحث عن الأحكام كالعرف والاستصحاب.
تدرج قواعد المشروعية في النظام الإسلامي:
في فقه القانون الوضعي تتعدد مصادر المشروعية وتتدرج، وفي فقه النظام الإسلامي مصادر المشروعية لا تتعدد في الحقيقة – فمصدرها الأصيل هو الوحي، وكل المصادر بعد ذلك مردودة إليه، وفقهاء الأصول مجمعون علي أن المصدر الأول والأسمى للأحكام الشرعية هو القرآن الكريم، وهو مقدم في الحجة علي مصادر الأحكام جميعاً، ثم تأتي السنة النبوية في المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم مصدراً للأحكام تستمد حجيتها وشرعيتها ولزوم العمل بها من المصدر الأول، والإجماع يستمد شرعيته وحجيته من المصدرين الأولين، أما الإجتهاد بوصفه مصدراً للأحكام الشرعية أو القواعد القانونية فإنه بدوره يستمد حجيته من المصادر التي سبقت.
وهكذا فإن النظام الإسلامي تدرجاً في مصادر القواعد القانونية، كتاباً وسنة وإجماعاً واجتهاداً، ثم تدرجاً في القواعد القانونية المستمدة من تلك المصادر.
يظهر هذا التدرج في فهم الصحابة لتسلسل مصادر الأحكام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثال ذلك: رد معاذ للنبي عندما أرسله إلي اليمن وقال: (كيف تصنع إذا عرض عليك قضاء) قال: (أقضي بما في كتاب الله) قال فإن لم يكن في كتاب الله، قال : (فبسنة رسول الله) قال فإن لم تجد؟ قال: (أجتهد رأي لا الو–لا أقصر)(1).
المبحث الثاني
مبدأ المشروعية وسلطات الضرورة
(القيد الوارد علي مبدأ المشروعية)
مبدأ المشروعية وسلطات الضرورة في النظم القانونية:
يثار التساؤل حول إمكانية خضوع الدولة للقانون حين تواجه بحالة ضرورة تفترض قيام خطر جسيم محال لا يمكن تداركه إلا بالتخلي عن قسط من قواعد القانون. وإن الإلتزام بالقانون بالرغم من هذه الضرورة يقضي علي بقاء الدولة وإذ لا يبقى منها إلا نصوص جامدة لا تسمن ولا تغني من جوع.
كما أن الخروج عن القانون يجب ألا يؤدي إلي إهدار الحقوق والحريات دون ضابط أو قيد، لذا فإن الدولة وهي تواجه الأخطار، لابد لها أن ترسم بقدر محدد ووفقاً لشروط وضوابط معينة، الحدود التي يمكن فيها الخروج علي القانون.
إن المشكلة التي تواجهنا حيال الظروف الإستثنائية (حالة الضرورة) هي محاولة حل التناقض بين اعتبارين(1).
الأول: اعتبار قانوني يتمثل في الحفاظ علي حد أدنى من قواعد المشروعية التي يجب التمسك بها في جميع الأوقات حتى في الظروف الإستثنائية.
الثاني: اعتبار واقعي أو عملي، ويتمثل في ضرورة مواجهة هذه الأخطار التي تمثل الضرورة بإتخاذ محظور تلافياً لدفع ضرر داهم.
وحتى يمكن التوفيق بين هذين الاعتبارين المتناقضين، ابتدع الفكر القانوني نظريته الضرورية لإضفاء المشروعية علي الإجراءات المخالفة للقانون، حتى يتسنى للدولة مواجهة هذه ا لظروف العصية علي هدى من نظرية تمثل الأساس القانوني لسلطاتها الإستثنائية، ومشروعية إجراءات الضرورة هنا مشروعية إستثنائية (مشروعية الظروف)(2) حين تواجهت الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية ظروف استثنائية كالأزمات والكوارث والفتن، يصبح حيال هذه الظروف احترام قواعد المشروعية خطراً يهدد كيان الدولة ومؤسساتها الدستورية، مما أوجب مواجهتها بإجراءات ضرورية تتحرر فيها الدولة أو الإدارة من مبدأ المشروعية بصفة إستثنائية ولكن هذه الإجراءات الضرورية خاضعة لمراقبة القضاء، لأن هذا التحرر من قواعد المشروعية محدد بوقت الأزمة ومقتضياتها وببعض الضوابط الدستورية التي لا يجب مخالفتها حتى في الظروف الإستثنائية.
يجمع الفقه الفرنسي علي أن مضمون فكرة الضرورة يتمثل في تركيز كافة السلطات والاختصاصات في الدولة في يد شخص أو جهاز واحد هو رئيس الجمهورية، يقوم بتلك السلطات في ظل الظروف الإستثنائية العصيبة لإتخاذ ما يراه مناسباً دفاعاً عن المصالح الحيوية التي تهددها الأخطار في تلك الظروف. ولقد تبنى الفقه الفرنسي هذا التصور لحالة الضرورة من المادة (16) من الدستور الفرنسي والتي تقابل المواد من (210) إلي (212) من الدستور السوداني الإنتقالي لسنة 2005م.
يري الفقه الفرنسي أن من أهم آثار تطبيق المادة (16) من الدستور الفرنسي حدوث تركيز للسلطات والتي كانت منفصلة، لدى رئيس الجمهورية بهدف القيام بمهمة حماية الدولة، وهو أمر يستلزم أن يحل رئيس الجمهورية – أستناداً علي هذه المادة – محل المشرع ليباشر الاختصاصات التشريعية والتنفيذية معاً(1).
لم يعترف مجلس الدولة الفرنسي من أول وهلة بالأثر القانوني للظروف الإستثنائية، لأنه لجأ لفكرة الظروف الإستثنائية وفكرة حالة الأزمة بعد الحرب العالمية الأولى علي هدى من نظرية سلطات الحرب والتي عممها لتشمل كافة الظروف الاستثنائية.
ومن أهم أحكام مجلس الدولة الفرنسي في مسألة الظروف الاستثنائية حكم (هيرية) الذي قضى فيه مجلس الدولة الفرنسي برفض الطعن في قرار أصدرته الحكومة إبان الحرب العالمية الأولى خاصة بوقف تطبيق ضمانات خاصة بالموظفين العموميين والمتعلقة بإطلاعهم علي ملف خدمتهم قبل اتخاذ أي إجراءات تأديبية ضدهم.
ولقد أسس مجلس الدولة الفرنسي حكمه هذا علي مقتضى أن حسن سير المرافق العامة في زمن الحرب يبرر الاتساع الاستثنائي في سلطات الحكومة. ويلاحظ من خلال أحكام القضاء الإداري الفرنسي أنه لم يؤسس هذا الاتساع الاستثنائي في سلطات الحكومة وتعطيل القوانين أو تعديلها علي فكرة تركيز السلطات في يد السلطة التنفيذية، حاول القضاء الإداري الفرنسي إيجاد أساس قانوني لإصدار السلطة التنفيذية من تلقاء نفسها قرارات قوانين تعدل بموجبها بعض الأحكام التشريعية. كما تشير أحكام مجلس الدولة إلي جواز تعطيل أو المساس بالنصوص الدستورية علي النحو الذي ذهب إليه الفقه الفرنسي(1).
عناصر فكرة الضرورة وشروط إعمالها:
رأينا فيما سبق أن نظرية الضرورة تقتضي أن هناك ضرورات عاجلة تستلزم من جانب السلطة التنفيذية التصرف السريع في مواجهة خطر داهم أو ضرر جسيم، حتى ولو كان هذا التصرف "إجراءات الضرورة" مخالفاً للقواعد القانونية، ولكنه يعتبر الوسيلة الوحيدة لدرء هذا الخطر أو التهديد. ولفكرة الضرورة عنصران، عنصر موضوعي وآخر شخصي:
‌أ- العنصر الموضوعي:
ويقصد بالعنصر الموضوعي في فكرة الضرورة، حالة الخطر أو التهديد التي تشكل في الواقع حالة الضرورة الملجئة لإتباع التصرفات الاستثنائية.
فالتهديد الذي يشكل العنصر الموضوعي في حالة الضرورة، قد يكون مرجعه إلي الدولة ككل، إذا ما انطوى علي مساس بسلامتها واستقلالها وسيادتها، وقد يكون موجهاً إلي شعب الدولة أو إحدى مؤسساتها الدستورية أو اقتصادها القومي، ويشترط أن يكون هذا التهديد جسيماً يبرر اتخاذ الإجراءات الضرورية المخالفة للقانون في الأصل، والعبرة في تحديد الخطر الجسيم أن يكون هذا الخطر مهدداً " لموضوع دستوري جوهري"(1)، ويجب أن يكون هذا الخطر وشيك الوقوع غير متوهم ولا يمكن التنبؤ به قبل وقوعه بفترة طويلة بحيث تلافيه دون إعمال لإجراءات الضرورة.
ويشكل العنصر الموضوعي لفكرة الضرورة عدة أزمات(2):
1- أزمات تتعلق بظروف استثنائية طبيعية كالبراكين والزلازل والجفاف العام أو الحرائق الكبرى والأوبئة.
2- أزمات تتعلق بالنظام الداخلي، وهذه قد تتخذ أشكال متعددة:
أ/ قد تتوجه ضد وحدة الدولة في صورة إضطرابات تهدد نظامها الداخلي وأمنه.
ب/ قد تتوجه ضد مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة علي نحو يشلها ويحول بينها وبين دورها الدستوري.
ج/ الأزمات الاقتصادية والمالية التي تنذر بإنهيار الاقتصاد القومي.
3- أزمات ماسة بأمن الدولة واستقلالها من الخارج كالحروب.
والشرط الأساسي لاعتماد هذه الأزمات المذكورة عدم دفعها بالوسائل العالية إذ أن نظرية الضرورة تفترض ابتداء تحديد الهدف من المساس بإرادة المشرع، وتمثل فكرة الضرورة صيغة جديدة للمشروعية العليا ترقي علي المشروعية العادية وتهيمن عليها.
‌ب- العنصر الشخصي:
ويمثل العنصر الشخصي رد فعل السلطات العامة تجاه الظروف الاستثنائية حيث تجد نفسها أمام أمرين لابد من التضحية بأحدهما ، سلامة الدولة أو بعض مؤسساتها الدستورية، أم النصوص الدستورية(3).
ويشترط في العنصر الشخصي لفكرة الضرورة التحقق من الآتي:
1- أن يكون عمل الضرورة لازماً حتماً ، فلا يزيد علي ما تقتضي به الضرورة، ويعني ذلك قيام التناسب بين حجم الأزمة والعلاج لدفعها.
2- يجب أن تقدر الضرورة بقدرها.
3- يجب أن تستهدف تلك الإجراءات الضرورية غاية محددة هي مواجهة الخطر، واستهداف الإجراء لتلك الغاية يضفي عليه التدبير العلاجي وبربطه بصلة موضوعية بالأزمة.
وترجع هذه الشروط إلي أصلين معروفين يقضيان بأن الضرورات تبيح المحظورات، وأن الضرورة تقدر بقدرها. فإذا توافرت هذه الشروط فإنه يوجد مسوغ شرعي للتصرف الصادر مخالفاً للقانون وأن للقضاء حق الرقابة علي قيام هذا المسوغ وعدم قيامه.
وإن مواجهة الظروف الاستثنائي من شأنه أن يمنح سلطات الإدارة حرية واسعة في تدبير ما يجب اتخاذه من الإجراءات، بمقتضى سلطة تقديرية تختلف في مداها لا في وجوب بسط الرقابة عليها في السلطة التقديرية التي تتمتع بها في الظروف العادية المألوفة.
فمسئولية الإدارة يمكن أن تثار في الظروف الاستثنائية وذلك علي أساس الخطأ الذي وقع منها، غير أن الخطأ في حالة الظروف الاستثنائية قياس بمعيار آخر، فيستلزم القضاء فيه درجة أكبر من الجسامة، وهذا أمر طبيعي إذ لا يتطلب من إدارة في مثل هذه الظروف العصيبة ما يتطلبه في الظروف العادية من الحيطة والدقة.
تطبيقات فكرة الضرورة في الدستور السوداني الإنتقالي لسنة 2005م
(حالة الطوارئ):
تأتي تطبيقات فكرة الضرورة في دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005م في في الرابع عشر في المواد من (210) إلي (212)، وهذه النصوص المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ وسلطات رئيس الجمهورية والمجلس الوطني حيالها. وتقابل هذه النصوص المادتان (74) من الدستور المصري (16) من الدستور الفرنسي.
تنص المادة (210) من دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005م علي ما يلي:
(1) "لرئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول عند حدوث أو قدوم أي خطر طارئ يهدد البلاد أو جزء منها، حرباً أو غزواً أو حصاراً أو كارثة طبيعية أو أوبئة، أو يهدد سلامتها واقتصادها، أن يعلن حالة الطوارئ في البلاد أو أي جزء منه وفق لهذا الدستور والقانون".
(2) يعرض إعلان حالة الطوارئ علي الهيئة التشريعية خلال خمسة عشر يوماً من صدوره، وإذا لم يكن الهيئة منعقده فيجب عقد دورة طارئة .
(3) عند مصادقة الهيئة التشريعية علي إعلان حالة الطوارئ نظل كل القوانين والآوامر الإستثنائية والإجراءات التي أصدرها رئيس الجمهورية سارية المفعول.
وتنص المادة (211) علي سلطات رئيس الجمهورية في حالة الطوارئ .
"يجوز لرئيس الجمهورية موافقة النائب الأول أثناء سريان حالة الطوارئ أن يتخذ بموجب القانون أو الأمر الاستثنائي أية تدابير تقيد أو تلغي جزئياً أو تحد آثار مفعول أحكام هذا الدستور واتفاقية السلام الشامل باستثناء ما منصوص عليه أدناه:
(‌أ) تعليق جزء من وثيقة الحقوق، ولا يجوز في ذلك إنتقاص الحق في الحياة أو الحرمة من الإسترقاق أو الحرمة من التعذيب أو عدم التمييز علي أساس العرق أو الجنس أو المعتقد الديني أو حق التقاضي أو الحق في المحاكمة العادلة.
(‌ب) حل أو تعليق أي من أجهزة الولايات، أو تعليق أي سلطات ممنوحة للولايات بموجب هذا الدستور، ويتولي رئيس الجمهورية موافقة النائب الأول تصريف مهام تلك الأجهزة، و يمارس السلطات أو يقرر الطريقة التي يتم بها تدبير شئون الولاية المعنية.
(‌ج) إتخاذ أي تدابير لازمة لمقتضيات حالة الطوارئ، وتكون لتلك التدابير قوة القانون.
وتنص المادة (212) من الدستور علي إنقضاء حالة الطوارئ . "تنقضي فترة التدابير ذات الصلة بحالة الطوارئ في أي من الحالات التالية
أ‌. إنقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ إصدار الإعلان إذا لم توافق الهيئة التشريعية القومية علي مد فترته بموجب قرار .
ب‌. إنقضاء الفترة التي وافقت عليها الهيئة التشريعية القومية .
ج. إعلان من رئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول ، برفع حالة الطوارئ.
لضرورة تعميق فهم هذه المسألة الدستورية نرى عقد المقارنة بين نصوص الدستور السوداني بشأنها والنصوص المقابلة في الدستورين المصري والفرنسي.
تنص المادة (74) من الدستور المصري علي ما يلي:
" لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري، أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر ويوجه بياناً إلي الشعب ويجري الاستفتاء علي ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها.
كما تنص المادة (16) من الدستور الفرنسي علي ما يلي:
" عندما تتهدد مؤسسات الجمهورية واستقلال الأمة أو سلامة أراضيها أو تنفيذ تعهداتها الدولية علي نحو جسيم ينشأ عنه انقطاع السير المنتظم السلطات الدستورية العامة. يتخذ رئيس الجمهورية الإجراءات التي تقتضيها الظروف بعد استشارة الوزير الأول ورئيس البرلمان وكذلك المجلس الدستوري، ويخبر الأمة برسالة، ويجب أن تكون هذه الإجراءات مستلهمة من الرغبة في ضمان قيام السلطات العامة الدستورية بأداء مهامها في أقصر فترة ممكنة يستشار المجلس الدستوري بشأن موضوعها ويجتمع البرلمان بقوة القانون ولا يجوز حل الجمعية الوطنية أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية".
وبإستقراء نصوص الدستور السوداني بشأن إعلان حالة الطوارئ وسلطات رئيس الجمهورية وسلطات المجلس الوطني حيالها وكذلك نص المادة (74) من الدستور المصري والمادة (16) من الدستور الفرنسي، نجدها تمثل تطبيقات عملية لنظرية الضرورة التي تفترض قيام خطر جسيم وحال يهدد مصالح الدولة واتخاذ إجراء استثنائي لمواجهة هذا الخطر.
شروط اللجوء لإعلان حالة الطوارئ في الدستور السوداني الإنتقالي لسنة 2005م:
يتضح عند مطالعة نصوص المواد من (210) إلي (212) أن ثمة شروط يجب توفرها عند اللجوء لإعلان حالة الطوارئ وهي كما يلي:
1- حدوث خطر طارئ يهدد البلاد أو جز منها، ويتمثل هذا الخطر في الحرب أو الغزو أو الحصار أو أي كارثة أو أي أوبئة، بحيث تهدد سلامتها واقتصادها. فالخطر يجب أن يقع علي موضوعات محددة علي سبيل الحصر وهي الموضوعات التي أشارت غليها الفقرة (1) من المادة (210) من الدستور. ويستلزم اللجوء لإعلان حالة الطوارئ، أن تكون هي الوسيلة الوحيدة اللازمة لحماية المصالح التي يتهددها الخطر وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء حيال الضرورة والظروف الاستثنائية، والذي عبر عنه بشرط " لزوم اللجوء للتنظيم القانوني الاستثنائي".
وسكت المشرع الدستوري في المادة (210) عن وصف أن يكون الخطر جسيماً وحالاً، إلا أن شرط الجسامة والحلول قد أستقر في الفقه والقضاء علي توافرهما، حيث يستبعد الخطر المتوقع والمستقبل والمحتمل. ويري البعض(1) أن لرئيس الجمهورية كاملة في تقدير الظروف المحيطة بحالة الخطر، ومن ثم يكون له وحدة أن يقرر وقوع التهديد الذي يجب تدخله باستعمال النصوص المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ واللجوء إليها.
2- أن يعرض إعلان حالة الطوارئ " إجراءات الضرورة " علي المجلس الوطني خلال خمسة عشر يوماً من صدورها. وإذا لم يكن المجلس منعقداً يدعي لإجتماع طارئ. وبمطالعة الفقرة (2) منن المادة (210) من الدستور، نجدها تتضمن رقابة المجلس الوطني علي سلطات رئيس الجمهورية حيال إعلانه لحالة الطوارئ المتعلقة بها. وإن المادة (211) من الدستور في الفقرة (أ) أعطت رئيس الجمهورية ممارسة الوظيفة التشريعية استثناءاً فيما يتعلق بموضوعات الأزمة فقط. كمكنة استثنائية من مكنات الضرورة. وهذه المكنة للتحلل من القواعد التشريعية واللائحة دون المساس بالقواعد الدستورية إلا أن نص الفقرة (أ) من المادة (211) من الدستور قد أعطت رئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول سلطة مخالفة النصوص الدستورية المتعلقة بوثيقة الحقوق في جانبها المتعلق بموجبات إعلان حالة الطوارئ .

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:35 pm

يتبع 14
فإذا كان من المحظور علي البرلمان مخالفة نص دستوري أو تعديله أو وقفه من باب أولى، لا يكون للعمل الصادر من رئيس الجمهورية – وهو دون التشريع في المرتبة – قدرة إنهاء أو تعطيل إرادة السلطة التأسيسية. لأن التسليم بسلطة وقف النصوص الدستورية يضاعف من تقوية سلطات الأزمة في الوقت الذي يمكن فيه مواجهة الأزمات بوسائل قانونية عديدة ليس من بينها المساس بقواعد الدستور.
وبالنظر في الفقرة (2) من المادة (210) من الدستور السوداني نجدها قد تتضمن شرطاً مؤداه أن يظل المجلس الوطني منعقداً أو يدعى لإجتماع طارئ إذا لم يكن في دورة إنعقاد، ولقد اشترطت المادة (16) من الدستور الفرنسي أن يظل البرلمان منعقداً بقوة القانون طوال فترة تطبيق السلطات الاستثنائية مع عدم جواز رئيس الجمهورية بحقه في حل البرلمان(1)، وعلاوة علي ذلك اشترطت المادة (16) من الدستور الفرنسي ووجوب استشارة رئيس مجلس البرلمان والوزير الأول والمجلس الدستوري (وهو هيئة قضائية للفصل في المسائل الدستورية كالمحكمة الدستورية في النظام القضائي السوداني).
كما تشترط المادة (74) من الدستور المصري علي توجيه بيان إلي الشعب إلي إجراء استفتاء علي ما يجريه رئيس الجمهورية خلال ستين يوماً من تاريخ اتخاذها.

مدى أثر إجراءات الضرورة بوجه عام علي قواعد المشروعية:
إذا سلمنا بأن هناك أثر كلي لسلطات الضرورة بهدم كل قواعد المشروعية، فإن لرئيس الجمهورية بموجب النصوص المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ والتدابير المصاحبة لها انتهاك كافة قواعد المشروعية، أما إذا سلمنا بتأثير جزئي تمارس فيه أحكام الضرورة علي مبدأ المشروعية، فإن رئيس الجمهورية لا يملك تجاوز جميع قواعد المشروعية.
فالضرورة والمشروعية يتواجدان معاً ويتلازمان، ذلك لأن الأحكام الاستثنائية التي حتمتها نظرية الضرورة تشكل نظاماً قانونياً يستقل في بنائه القاعدي عن المشروعية العادية – في هذا النطاق المستقل – تخالف إجراءات ضرورة القوانين واللوائح، لكن في الوقت نفسه تشارك هذا النظام في قاعدة أساسه، القواعد الدستورية، إذ يمثل الدستور بقواعده المصدر الشكلي للقواعد العادية والاستثنائية علي حد سواء"(1).
المبحث الثاني
مبدأ المشروعية وسلطات الضرورة في النظام الإسلامي
عرفنا فيما سبق أن المشرع يضع القاعدة القانونية التي تتلاءم وحاجة الجماعة في الظروف العادية، فإذا تبين أن تطبيق هذه القاعدة القانونية لا يتفق والاعتبارات التي قدرها، إذا احتاج البلاد فتنه أو هددت بحرب أو غزو أو استشرى بها وباء، مما يشكل ضرورة تواجهها للسلطة التنفيذية باتخاذ الإجراءات السريعة (ولو خالفت القانون) بما يسمح لها دفع هذه الظروف الاستثنائية (ولو اقتضى الأمر عدم إعمال النص القانوني).
هل عرف النظام الإسلامي نظرية الضرورة بالمعنى المعاصر؟!
يعرف فقهاء الأصول الضرورة بأنها الحالة التي يتعرض فيها الإنسان إلي الخطر في دينه أو نفسه أو عقله أو عرضه أو ماله، فيلجأ إلي مخالفة الدليل الشرعي الثابت، بحيث لو لم تراع لحزم أو حيف تضيع معه مصالحه الضرورية(1)، ذلك لأن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ الضرورات الخمس: الدين، النفس العقل، النسل والمال، والمحافظة علي الضروريات أمراً مقصوداً للشارع لا يتغير أبداً(2).
وعلى هذا الأساس قسم فقهاء الأصول الحكم التكليفي بإعتبار عمومه وعدم عمومه إلي رخصة وعزيمة، فالرخصة هي ما شرعه الله تعالى من الأحكام بناءاً علي أعذار العباد وبقصد التخفيف والتيسير عليهم في حالات خاصة، والعزيمة هي قصد الشيء قصداً مؤكداً، فهي الأحكام التي شرعها الله تعالى لتكون قانوناً عاماً لكل المكلفين في جميع الأحوال(3).
ونلاحظ أن تعريف الضرورة كما جاء في كتب الفقه قاصراً علي الضرورة التي يواجهها الأفراد والتي تقتضي التخفيف ولا تنصرف علي الضرورة التي تتعرض لها الدولة، والتي تستوجب العدول من الحكم الأصلي إلي ما تستوجبه الضرورة، ونلاحظ أن الضرورة التي تتعرض لها السلطات العامة، قد تقتضي العدول من حكم إلي ما هو أشد منه بإتخاذ إجراءات استثنائية كتقيد الحريات واتخاذ إجراءات رادعة، وغير ذلك مما تفرضه الضرورة حفظاً لكيان الدولة ومصالحها الأساسية، بعكس الضرورة التي تواجه الأفراد والتي تستوجب التخفيف والتيسير.
وبناءً علي ذلك فإن بعض التصرفات التي تجريها السلطة العامة والتي تعتبر غير مشروعة في حالة السعة والاختيار (الظروف العادية) تعتبر جائزة شرعاً إذا ما حتمت الضرورة ذلك. فالعمل بالضرورة لا يعد نقضاً وهدماً لأدلة الشرع، إذ فيه مخالفة واضحة للدليل الشرعي الثابت، بل هو عمل بالدليل الشرعي، إذ الضرورة ثابتة به، وفي حدود مقاصد الشرع ومراميه، ولا تعتبر هذه التصرفات المخالفة للشرع اعتداء علي المشروعية بل تعتبر هذه التصرفات مرتبة لآثارها باعتبارها المشروعية اللازمة في هذه الظروف غير العادية(1).
شروط الضرورة وضوابط العمل بها:
تعتبر الشريعة الإسلامية أسبق الشرائع في الأخذ بنظرية الضرورة، حيث وضعت لها القواعد المحكمة التي تكفل الوقوف عند حد الضرورة، بل وجعلت فيها الوجه الثاني للمشروعية، وثمة شروط وقيود للعمل بالضرورة الشرعية منها:
الشرط الأول: أن تكون الضرورة قائمة بالفعل لا منتظرة: بمعنى أن تكون الضرورة حالة قائمة بالفعل وغير متوهمة، إذ أن التوهم لا يجوز أن يبنى عليه العدول عن الحكم الشرعي المقرر إلي غيره، أي لا بد أن يحصل في الواقع حالة غير عادية تجعل من المحتم مواجهتها بإجراء استثنائي ولو خالف الحكم في حالة السعة والاختيار ، بحيث ولو لم يتم ذلك يخشى في نطاق الأفراد الهلاك أو التلف على النفس أو المال، وفي نطاق السلطات العامة أن يكون أمراً قاطعاً أو ظناً غالباً، ولا يلتفت إلي الوهم والظن البعيد(2).
ولتحقيق هذا الشرط يؤخذ بغلبة الظن حسب الوضع الطبيعي للأمور والمألوف، ولو أدى إلى الإضرار بالغير، عملاً بقاعدة (إذا تعارض مفسدان روعي أعظمهماً ضرراً بارتكاب أخفهما)(1).
الشرط الثاني: ألا يكون دفع هذا الضرر إلا بمخالفة لحكم شرعي تقرر علي الفرد أو السلطة العامة في حالة السعة والاختيار (الظروف العادية).
الشرط الثالث: أن تقدر الضرورة بقدرها، من حيث الزمان والمكان. فالضرورة إذا كانت تؤدي إلي العدول عن الحكم المقرر ابتداءً ، فيجب أن يكون هذا العدول بالقدر الذي تتطلبه حالة الضرورة، وعدم التحلل من قواعد المشروعية تحللاً كاملاً(2).
إن تقدير الضرورة في نطاق السلطات العامة، يجب أن تأتي ممن له علم بالواقع، ملماً بملابسات الأمور وأبعادها ذلك لأن الحكم فرع عن تصوره(3).
الشرط الرابع: إن العمل بالضرورة مرتبط بقيام الضرر وتوقعه، فإن زال فلا ضرورة، أي إن إجراءات الضرورة يجب أن تقتصر على الفترة الزمنية التي تقوم خلالها، فإذا زال الضرر يجب العودة فوراً إلي حكم الأصل.
المبحث الثالث
رقابة مبدأ المشروعية
يترتب علي مخالفة مبدأ المشروعية بطلان التصرف الذي تجريه الهيئات العامة مخالفاً للقانون غير أنه لا يسمح للأفراد بالامتناع عن تنفيذ القرارات الصادرات من تلك الهيئات العامة(1).
لذلك ينظم القانون جملة من الوسائل القانونية يمكن للأفراد عن طريقها اقتضاء حقوقهم المشروعة تجاه التصرفات الباطلة التي تجيرها الهيئات العاملة في مواجهتهم، وهو ما انتهي إلي ضرورة وجود سلطة عليا يمنحها القانون حق الرقابة علي هذه التصرفات وتأخذ هذه الرقابة صوراً مختلفة كل منها بإختلاف الهيئة التي تباشر هذه الرقابة(2).

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:40 pm

يتبع 15
المطلب الأول
الرقابة السياسية (رقابة الهيئات التشريعية)
الرقابة السياسية هي التي تمارسها الهيئة التشريعية علي أعمال الهيئات العامة، وتختلف هذه الرقاة بإختلاف النظم الدستورية، من حيث مظاهرها ومن حيث مداها، فهي في البلاد ذات النظام البرلماني أقوى بالمقارنة في البلاد ذات النظام الرئاسي، ثم أنها تختلف في مداها بإختلاف بما تأخذ به دساتير الدول من تطبيقات النظام البرلماني(3).
وتأخذ رقابة الهيئة التشريعية صورة مساءلة الوزراء منفردين أو مجتمعين عن أعمال الدولة ووزاراتها والمصالح التابعة لها، سواء أكانت هذه المسئولية في صورة الأسئلة والاستجوابات أو التحقيقات البرلمانية أو في صورتها النهائية في سحب الثقة من الوزارة وإلزامها الإستقالة عند الضرورة(4).
ويلاحظ مما سبق أن الرقابة السياسية تهدف إلي الكشف عن التنفيذ السليم للقواعد العامة في الدولة من خلال فحص الأعمال التنفيذية والإدارية الصادرة من الأجهزة الحكومية(1).
المطلب الثاني
الرقابة الإدارية
المقصود بالرقابة الإدارية، أن يترك أمر الرقابة على أعمال الهيئات العامة لهذه الهيئات العامة ذاتها (أي رقابة ذاتية)، حيث لها أن تراجع نفسها فيما صدر عنها من تصرفات فتعدلها أو تسحبها أو تلغيها حسبما تراه متفقاً مع القوانين واللوائح(2).
ويتمثل الأساس القانوني لممارسة الهيئات العامة الرقابة علي نفسها، في واجب هذه الهيئات العامة في السهر علي سلامة تنفيذ القانون واحترام مبدأ المشروعية، وهذا يقتضي احترام الهيئات العامة المختلفة لقواعد المشروعية، علي نحو يتحقق معه تصحيح كل انحراف عن تلك القواعد(3).
أما عن كيفية تدخل الهيئات العامة لممارسة هذه الرقابة، فيأخذ أشكال مختلفة(4):
أولها:
الرقابة من جانب نفس الهيئة التي أصدرت التصرف موضوع الشكوى، فتراجع هذه الهيئة نفسها فيما أصدرت وتعيد النظر فيه.
وثانيها:
الرقابة من جانب الهيئات العامة الشاغلة للدرجات العليا، من سلم تدرج الهيئات العامة في الدولة، في مواجهة التصرفات التي تجربها الهيئات الشاغلة للدرجات الدنيا.
وثالثها: -
أنه في حالات خاصة يمكن أن يترك أمر الرقابة للجان إدارية خاصة تحددها القواعد وتبين طريقة تشكيلها ونطاق اختصاصاتها وطرق الطعن أمامها(1).
وتمتاز الرقابة الإدارية بأنها مرنة وميسرة، كما أنها لا تقتصر علي فحص مشورعية العمل الإداري ومطابقته للقانون فحسب، وإنما تمتد إلي مراقبة مدى ملائمته(2).
وبالرغم من هذه المزايا إلا أن هناك عيوباً تلحق بالرقابة الإدارية ومن هذه العيوب(3):
1- إن الرقابة الإدارية تجعل من الإدارة خصماً وحكماً في آن واحد، واحتمال إساءة الإدارة لإستعمال السلطة احتمال وارد، ولا سيما في الدول المتخلفة، حيث يفسد الجهاز الإداري ويفقد الحيدة المطلوبة علي نحو لا يحقق العدالة التي ينشدها الأفراد.
2- قرار الإدارة بتصحيح أخطائها خلال الرقابة الإدارية، لا يعتبر تصحيحاً نهائياً ملزماً للإدارات، ذلك لأن قرارات الإدارة لا تتمتع بحجية الشيء المقضي فيه مثل الأحكام القضائية.
3- فقدان ثقة الأفراد في الإدارة في بعض الأحيان، لسبق علمهم بأنها تسعى لتحقيق مصلحها ، حتى لو أدى إلي التحلل من بعض القواعد المشروعية.
المطلب الثالث
الرقابة القضائية
وهي الرقابة التي تباشرها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتعد الرقابة القضائية أكثر أنواع الرقابة ضماناً لحقوق وحريات الأفراد ضد عسف الهيئات العامة وخروجها علي القانون، نظراً لما ينطوي عليه القضاء من حيدة ونزاهة واستقلال عن أطراف النزاع ودرايته بالشئون القانونية(1).
ولا تتبع الدول أسلوباً واحداً في تنظيم الرقابة القضائية على أعمال الهيئات الإدارية فمنها ما يأخذ بالنظام القضائي الموحد، ومنها ما يأخذ بالنظام المزدوج، فالأول تتولى فيه المحاكم النظر في كافة المنازعات والثاني أن يعهد بالرقابة علي أعمال الإدارة في قضاء متخصص يقوم إلي جانب القضاء العادي للفصل في المنازعات الإدارية(2) وسوف نعرض فيما يلي لحدود الرقابة القضائية في ظل النظامين.
الفرع الأول: نظام القضاء الموحد (النظام الأنجلوسكسوني):
يقصد بنظام القضاء الموحد أن يعهد بالوظيفة القضائية، لجهة واحدة تباشرها بواسطة محاكمها علي اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتكون ولاية المحاكم كاملة، بمعنى أن يكون اختصاصها شاملاً لمختلف صور المنازعات القضائية أو المدينة أو الإدارية دون النظر إلي أطراف الخصومة سواء خصومة بين الأفراد مع بعض، أم نشأت بين الأفراد والإدارة (الحكومة) بمناسبة مباشرة الإدارة لوظيفتها، ففي هذه الحالة يتولى القضاء الموحد مهمة مراقبة الأعمال الإدارية، ويؤخذ بها النظام في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول التي كانت تحت الانتداب البريطاني مثل السودان والهند(3).
أولاً : الرقابة القضائية علي أعمال الإدارة في بريطانيا:
لا تعرف بريطانيا نظام القضاء الإداري، فليس بها محاكم إدارية بالمعنى المفهوم في القانون الإداري الفرنسي والمصري ويقضي نظامها باختصاص المحاكم العادية بالفصل في كافة المنازعات سواء أكانت بين الأفراد فيما بينهم أو بينهم وبين الإدارة(1).
هذه هي القاعدة الأصلية في النظام البريطاني، إلا انه في بعض الحالات يعهد المشرع البريطاني بأمر الفصل في بعض المنازعات إلي محاكم خاصة وجدت في بريطانيا منذ بداية هذا القرن وإزداد عددها بإزدياد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وقد تشكل هذه المحاكم من عضو واحد أو أكثر، ولا يتعين أن يكون أعضاء هذه المحاكم من ذوي الخبرة القانونية(2).
ولم يكن استئناف أحكام هذه المحاكم قبل سنة 1958م علي وتيرة واحدة، إذ أن بعضها يستأنف أمام الوزير والبعض يطعن فيه أمام محاكم أخرى خاصة، والبعض الآخر يستأنف أمام المحاكم العادية. وكان الاتجاه الغالب في الفقه الإنجليزي قبل صدور قانون سنة 1958م يتجه إلي اعتبار هذه المحاكم جزءاً من الجهاز الإداري للدولة وعند صدور قانون 1958م أصبحت هذه المحاكم تتبع للجهاز القضائي الواحد(3).

ثانياً: تطبيق نظام القضاء الموحد في السودان:
يأخذ السودان بنظام القضاء الموحد كما هو الحال في بريطانياً، فيعهد للفصل في كل المنازعات لجهة واحدة هي السلطة القضائية، ولا توجد محاكم مستقلة للفصل في المنازعات الإدارية فيفصل فيها جنباً إلي جنب مع الدعاوي والمنازعات الأخرى المدنية والشرعية والجنائية.
إلا أن السودان قد اتبع نهجاً مخالفاً لنهج المحاكم الإنجليزية في تكييف القرار الإداري لغرض الاختصاص الابتدائي بنظر الدعوى، فالمحكمة العليا في إنجلترا لها الاختصاص بنظر الطعون الإدارية بصفة ابتدائية، والقرار الإداري في إنجلترا هو القرار الصادر لممارسة السلطة الإدارية وإصدار تشريعات فرعية، ويرجع ذلك لأن الدستور البريطاني لم يكن مكتوباً يمكن الطعن علي أساسه بدعوى عدم دستورية قانون من القوانين، فكل ما يصدره البرلمان، فهو قانون، لا سبيل للطعن فيه، وإنما يجوز للبرلمان وحده إلغاؤه أو تعديله، أما في السودان فإن الأمر يختلف فالمحكمة المختصة لم تكن المحكمة العليا فقط، علي ما هو الوضع في قانون القضاء الإداري لسنة 2005م، فالمحكمة العليا تختص بالنظر في الطعون ضد القرارات الإدارية الصادرة من رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء الاتحادي أو حكومة أي ولاية أو وزير ولائي . (أما في دستورية القوانين فينظر أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا)(1).
إلا أنه ومع تعدد أوجه نشاط الدولة، والتي أصبحت تتولى الكثير من الأمور التي لم تكن تتولاها في السابق، كان علي الدولة أن تنشئ الأجهزة الإدارية التي تقوم بهذا النشاط ولزم إصدار القوانين لتنظيمها، لذا كانت هناك أمور ذات طبيعة فنية تقتضي إلماماً بأمور ليست في متناول المحكمة العادية، لذلك برزت لجان خاصة كما هو الحال في النظام القضائي الإنجليزي لكي تؤدي دوراً شبيه بدور المحكمة في الفصل في هذه المنازعات، ومن أمثلة ذلك لجان منازعات الأراضي ولجان استئنافات العاملين بالخدمة العامة (ديوان العدالة للعاملين)(1).
الفرع الثاني: نظام القضاء المزدوج (الفقه اللاتيني):
يقصد بالنظام المزدوج أن تتولى الوظيفة القضائية جهتان، جهة القضاء العادي وتختص بالنظر في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بين الأفراد والإدارة بالنسبة للتصرفات التي تماثل فيها الأفراد، وجهة القضاء الإداري تختص بالنظر في المنازعات ذات الطبيعة الإدارية. هذا لنظام يقترن بفرنسا مهد القضاء الإداري وأخذت به كثير من الدول منها مصر.
ويقوم هذا النظام علي أساسين، أحدهما دستوري وثانيهما تاريخي، أما الأساس الدستوري فيقوم علي الفهم الخاطئ لمبدأ الفصل بين السلطات في الدولة، والذي يقصد به عدم تركيز السلطة في الدولة في يد واحدة فتستقل كل سلطة من سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية بدون تدخل من جهة
أخرى(2) فاعتقد رجال الثورة الفرنسية أن هذا المبدأ يعني أن تستقل كل سلطة عن الأخرى استقلالاً تاماً ، وبمقتضى هذا لا تخضع الإدارة لمحاكم العادية(3).
والواقع أن هذا التفسير لمبدأ الفصل بين السلطات غير سليم، فليس المقصود، الفصل التام بين السلطات، بل يقصد به أن تستقل كل سلطة بوظيفتها ولا تتعدى أي منها علي الأخرى، مع قيام تعاون ورقابة متبادلة بينها، حتى لا تستبد أي منها بالسلطة(4).
أما الأساس التاريخي فيتمثل فيما علق بأذهان رجال الثورة الفرنسية عن مساوئ المحاكم القديمة، التي كانت قائمة علي عهد الملكية المطلقة، في فرنسا، حيث كانت هذه المحاكم تسرف في التدخل في أعمال الإدارة الملكية وتعرقل نشاطها(1)، والواقع أن هذا السبب التاريخي الذي أنشأ القضاء الإداري في فرنسا قد زال وحل محله سبب آخر فني هو أن القضاء الإداري ابتدع نظريات ومبادئ قانونية تكون في مجموعها قواعد القانون الإداري وتتميز عن قواعد القانون الخاص، وليس من اليسير علي المحاكم العادية في فرنسا أن تقوم بهذه المهمة لعدم كفاءتها ومقدرتها في تطبيق القانون الإداري(2).

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مبادئ القانون الإداري مقدمه Empty رد: مبادئ القانون الإداري مقدمه

مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 28, 2017 2:42 pm

يتبع 16
الفصل الثاني
الضبــــــط الإداري
المبحث الأول
مفهوم الضبط الإداري
يقصد بالضبط الإداري (ويسمى بالبوليس الإداري) مجموعة القواعد التي تفرضها سلطة عامة علي الأفراد في عموم حياتهم العادية أو لممارسة نشاط معين بقصد صيانة النظام العام(1).
فالضبط الإداري نظام وقائي تتولى الدولة في ظله تنظيم المجتمعات تنظيماً وقائياً، فتراقب النشاط الخاص للأفراد وتحد من الحريات الخاصة المكفولة للمواطنين بهدف صيانة النظام العام.
التفريق بين الضبط الإداري والضبط القضائي:
يختلف الضبط الإداري عن الضبط القضائي اختلافاً كبيراً، فوظيفة الضبط القضائي هي الكشف عن الجرائم والبحث عن مرتكبيها أو جمع الأدلة التي تحكم بها عليهم، ومباشرة هذه الوظيفة يكون له بعض الأثر في صيانة النظام العام عن طريق الردع والزجر الذي تحدثه العقوبة لدى الأفراد إلا أن هذا الأثر ضئيل إلي درجة لا يجوز معها الاعتماد علي الضبط القضائي في تحقيق أهداف الضبط الإداري وهي صيانة النظام العام.
فالضبط الاداري مرادف لمعني التنظيم ، فلايعني الاقرار بالحريات العامة وكفالتها ان تكون حريات مطلقة ، فلا تعارض بين النظام العام والحريات ، انما يقدم لها امكانية الوجود الواقعي فبدون هذا التنظيم القانوني قد يصبح الامر فوضي .
فحرية الفرد التي تخول له التنقل من مكان الي اخر مستعملا سيارته الخاصة ، لا تتعارض مع قواعد تنظيم حركة المرور ؛ فلو تركنا الافراد احرارا في حركة سير المركبات لدي ذلك للتضارب والتصادم وحرية الافراد في انشاء المصانع او الملاهي او المطاعم ، هذه الحريات لو تركت علي اطلاقها بغير تنظيم لادي الي تضارب المصالح واختلال النظام والامن .
ووظيفة الضبط الإداري أوسع مدى من وظيفة الضبط القضائي لأنها تشمل العمل بكافة الوسائل لمنع أو محاولة منع كل اضطراب أو إخلال بالنظام العام، ويمكن لسلطة الضبط الإداري التدخل لمنع أي فعل مخل بالنظام العام ولو لم يكن ذلك الفعل جريمة معاقباً عليها جنائياً، وقد يحدث تداخل بين فكرتي الضبط الإداري والضبط القضائي إذ يشترك بعض العمال العموميين أحياناً في القيام بالمهمتين – فرجل الشرطة مثلاً يعتبر في نفس الوقت عاملاً من عمال الضبط الإداري والضبط القضائي، فقد يسهم يومياً في منع مظاهرة غير مصرح بها ولهذه الصفة يكون من عمال الضبط الإداري وقد يكلف بالقبض علي أحد المجرمين يعتبر بصفته هذه من مأموري الضبط القضائي(1).
ولا تقف العلاقة بين الضبط الإداري والضبط القضائي علي موظفيها بل قد تتجاوز إلي أعمالها، فكثيراً ما نجد كل من عملية الضبط الإداري وعملية الضبط القضائي وثيقة الاتصال بالأخرى.
مثال ذلك: الزيادة في عدد دوريات رجال الأمن (وهذا في نطاق الضبط الإداري) من شأنها أن تؤدي إلي انخفاض معدل الجريمة وتسهل من عملية البحث عن المجرمين والقبض عليهم علي العكس من ذلك، فحين ينشط الضبط القضائي ويشرع في التعرف علي مرتكبي الجرائم وتوقيع العقاب عليهم يكون النظام العام أكثر استتباباً(1).
وهذه العلاقة بين الضبط الإداري والضبط القضائي ناشئة عن الحياة الواقعية أما من الناحية القانونية فلكل من الضبطين أحكامه الخاصة به والذي يدخل في مجال القانون الإداري وهو الضبط الإداري.
أغراض الضبط الإداري:
ينسحب مدلول عبارة النظام العام علي ما تحميه الإدارة بوسائل الضبط الإداري للأغراض الآتية:
1- صيانة الأمن العام: وذلك بتوفير حد أدنى من الطمأنينة للأفراد علي أنفسهم وأموالهم وأعراضهم من خطر الاعتداء عليها في الطرق والأماكن العامة، وذلك بإتخاذ كافة الإجراءات لمنع وقوع الحوادث أو احتمال وقوعها مثل السرقة والسطو، التي يسببها الإنسان أو المترتبة علي الأشياء كالمنازل الآيلة للسقوط أو حوادث المرور، وكذلك الإضطرابات التي تخل بالأمن العام وأيضاً الاحتياطي من مخاطر الفيضان والزلازل.
2- المحافظة علي الصحة العامة: ويقصد بها رقابة صحة الجمهور من الأمراض بإعداد المياه الصالحة للشرب والمحافظة عليها من التلوث ومقاومة الأمراض المعدية. وتنظيم المجاري، وكل ما قد يكون سبباً للمساس بالصحة العامة فللإدارة أن تتخذ الإجراءات ما يكفل مراقبة الأغذية.
3- السكنية العامة: ويقصد بها المحافظة علي الهدوء والسكون، فبعض الحوادث ليست في حد ذاتها ماسة بالنظام العام وبشكل مباشر، ولكنها حين تتجاوز حدوداً معينة فقد تزعج الأفراد إلي حد تدخل الإدارة لمنعها مثال الضوضاء التي تقلق الراحة ويترتب علي تعريف النظام العام علي الوجه السابق أنه إذا اتخذت إحدى الهيئات الإدارية أي قرار تستهدف به تحقيق أحد هذه الأغراض الثلاثة، فإن قرارها مشروع حتى في حالة غياب النصوص القانونية التي تبيح هذا الإجراء. وحيال غياب النصوص تستمد الإدارة اختصاصاتها من الأغراض التي ينطوي عليها النظام العام وكل إجراء مخالف لذلك يعتبر تجاوزاً لإختصاصاتها ويصبح غير مشروع(1).
امتداد فكرة النظام العام:
إن حفظ النظام ومنع الاضطرابات لم يعد محصوراً في تلك العناصر التقليدية، فقد أودى تطور الحياة الحديثة وتنوع أنشطة الدول واتساعها مجالاتها ، أن أصبحت تلك الأغراض التقليدية غير كافية لمواجهة كافة صور الإخلال.
فقد تابع دور النظام العام اتساع دور الدولة في تزايد تدخلها في المجتمع. فتوسع مدلول النظام العام ليضم مجالات جديدة، فالأهمية المتزايدة للمشكلات الاقتصادية وارتباطها بالتطور العام، فظهرت فكرة النظام العام الاقتصادي، كما اتسع النظام العام ليحقق بعض الاعتبارات الجمالية المتعلقة بجمال الرونق والرواء(2).
أ-النظام العام الاقتصادي:
يقصد به تدخل الدولة في القطاعات الاقتصادية، ذلك لأن ترك النشاط الاقتصادي للأفراد قد يعرض المجتمع والاقتصاد لمخاطر، ففي عصر التحررية فهم النظام الاقتصادي على أنه الثمرة التلقائية للمنافسة الحرة والضبط الاقتصادي، هو تنظيم النشاطات الاقتصادية من أجل احترام النظام العام الاقتصادي، ويقوم الضبط الاقتصادي على أساس النصوص التشريعية.
ب- المحافظة على جمال الرونق والرواء:
ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى اعتبار المحافظة على جمال الرونق والرواء عنصراً من عناصر النظام العام، إلا أن جانباً آخر من الفقه يذهب إلى أن مسألة المحافظة على جمال الرونق والرواء لا تستدعي تدخل سلطات الضبط الإداري دون اشتراط تلاقيه مع أحد عناصر النظام العام.
ولذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي عام 1928م بأن سلطات الضبط الإداري لا يحق لها أن تتدخل للمحافظة على جمال الرونق والرواء إلا في الحالات التي يرخص فيها القانون بذلك بنصوص صريحة، وغير أن مجلس الدولة الفرنسي قد عدل عن قضائه عام 1936م بحكمه الصادر في قضية "اتحاد مطابع باريس" والتي تتلخص وقائعها في أن الجهة الإدارية سبق لها أن أصدرت لائحة تحظر توزيع الإعلانات على المارة في الطرق العامة نظراً لأن إلقائها عقب الإطلاع عليها يسبب تشويهاً للمنظر العام الجمالي الذي يجب المحافظة عليه، طعن اتحاد نقابات المطابع في هذه اللائحة مطالباً إلغائها لخروج أهدافها عن الأهداف المرسومة لسلطات الضبط الإداري، رفض مجلس الدولة ذلك الطعن مؤكداً أن حماية الرونق والرواء تعتبر من أغراض الضبط الإداري، بوصف كونها إحدى عناصر النظام العام الجديرة بالحماية(1).
تحديد نطاق النظام العام:
المقصود بالنظام العام المحافظة على السكينة والأمن والصحة العامة من الناحية المادية فقط، ولا شأن للضبط الإداري بالأفكار والعقائد، وحتى إذا كانت هذه المسائل ضارة بالنظام الاجتماعي كله، فالضبط الإداري لا يتدخل في ذلك لأنها تعتبر حالة معنوية أو روحية إلا إذا اقترنت بأفعال مادية خارجية من شأنها أن تصبح سبباً من أسباب الاضطراب أو المساس بالنظام العام، كان علي الإدارة أن تتدخل للقضاء على هذا العمل المادي المهدد للأمن أو السكينة العامة.
وهذا لا يعنى وقوف الدولة مكتوفة الأيدي حيال الإخلال بالنظام الاجتماعي ومقاومة كل إضراب يخل بهذا النظام حتى إن كان إضطراباً فكرياً. بل هذا من أخص واجباتها ولكن بوسيلة أخرى غير وسائل الضبط الإداري.
ويلاحظ أن قضاء مجلس الدولة في فرنسا في السنوات الأخيرة أصبح يميل إلي الإباحة بتدخل البوليس الإداري للمحافظة علي مقتضيات الأخلاق العامة، مثل عرض بعض المطبوعات التي تقتصر علي وصف الأعمال الإجرامية وعرض الأفلام المخلة بالآداب العامة(1).
المبحث الثاني
تنظيم الضبط الإداري والرقابة علي نشاطه
نتناول في هذا المبحث وسائل الضبط الإداري والرقابة علي نشاطه:
المطلب الأول: وسائل الضبط الإداري:
تمارس هيئات الضبط الإداري سلطتها عن طريق أسلوبين أساسيين(1):
1- إصدار لوائح الضبط.
2- إصدار الأوامر الفردية التي يلتزم الأفراد بتنفيذها.
1- إصدار لوائح الضبط:
تعد اللوائح من أبرز مظاهر ممارسة سلطة الضبط الإداري، وهي القواعد العامة والمجردة تضعها هيئة الضبط الإداري تقيد بها بعض أوجه النشاط الفردي في سبيل صيانة النظام العام مثل لوائح المرور ولوائح تنظيم المحال العامة ولوائح مراقبة الأغذية.
ان من مظاهر تنظيم النشاط بواسطة لوائح الضبط مايلي : (2)
(أ‌) الحظر ، مثل كحظر الصيد في منطقة معينة ولفترة معينة او حظر المرور في شارع معين في وقت معين او حظر تشغيل بعض المصانع في وقت معين حفاظا علي راحة الافراد .
(ب‌) الاخطار ، ويفترض في هذا المظهر من مظاهر تنظيم الضبط الاداري ان النشاط اصلا غير محظور ، الا ان صيانة النظام العام يتطلب الامر اخطار سلطات الضبط الاداري بالرغبة في ممارسة هذا النشاط مثل اخطار البوليس الاداري باقامة المباريات والمهرجانات الرياضية واقامة الافراح والحفلات العامة .... الخ
(ت‌) التوجيه ، يقتصر في هذا المظهر مجرد النص في لوائح الضبط علي بعض التوجيهات العامة ، مثال ذلك ماينص عادة في لوائح المرور من مواصفات معينة للسيارات او قواعد معينة يجب مراعاتها في السير في شوارع المدن
2- الأوامر الفردية:
تأخذ هذه الأوامر الفردية صور مختلفة بحسب الحال كإصدار أمر بهدم منزل آيل للسقوط أو منع اجتماع عام يخل بالأمن أو فض مظاهرة وتفريغ متجمهرين أو إيقاف عرض فيلم أو مسرحية لاحتمال إخلال ذلك بالنظام العام. وتصدر سلطات الضبط الإداري هذه الأوامر والنواهي طبقاً لأحكام القوانين واللوائح وتنفيذاً لهذه الأحكام(1) .
المطلب الثاني
الرقابة علي ملاءمة إجراءات الضبط الإداري
الأصل العام أن لرجل الإدارة سلطة تقديرية فيما يتعلق بمحل القرار الإداري الذي يختص بإصداره – كما للإدارة سلطة تقديرية في وزن قيمة الأسباب وتناسبها مع الإجراءات المتخذة بحيث تقتصر رقابة القضاء في هذا الشأن علي التحقق من صحة قيام الأسباب من الناحية المادية وعن صحة تكييفها القانوني، وهذا بالنسبة للقرار الإداري.
أما في مجال الضبط الإداري، فإن سلطة الإدارة تكون مقيدة إلي حد كبير، فالقضاء يراقب ملاءمة إجراء الضبط الإداري ومدى تناسبه مع أهمية الوقائع (2)
القاعدة في رقابة ملاءمة إجراءات الضبط الإداري:
أولاً: وجود أو عدم وجود نصوص قانونية:
إن وجود النصوص القانونية التشريعية المنظمة لممارسة حرية من الحريات من شأنه أن يحد من سلطة الإدارة في مواجهة هذه الحريات، أي أنه لا يجوز لسلطة الضبط الإداري أن تضع علي ممارسة الحرية قيوداً أشد من تلك التعليمات التشريعية التي أحيط بها استعمالها(2). ومن ناحية أخرى فإن عدم تنظيم حرية من الحريات بنصوص تشريعية لا يعني أن تكون سلطة الإدارة إزائها مطلقة فقد تكفل القضاء برقابة سلطة الإدارة في الضبط الإداري في حالة عدم وجود نصوص تشريعية ليست رقابة للمشروعية فقط وإنما رقابة الملاءمة أيضاً.
ثانياً: ضرورة إجراء الضبط وتناسبه:
يجب أن يكون إجراء الضبط ضرورياً لاتقاء الإخلال بالنظام العام، ذلك لأن الحريات إذا قيدت بسبب ممارسة سلطة الضبط الإداري، وجب أن يكون ذلك ضرورياً ولازماً لمواجهة حالات معينة من دفع خطر يهدد الأمن والنظام فالضرورة تقدر بقدرها، فإذا قيدت الحريات لسبب ممارسة الضبط الإداري وجب أن تكون التضحية بهذا القدر من الحرية متكافئة مع قدر المصلحة المشروعة التي يتغياها الضبط الإداري(1).
ويمكن أن يتحقق عملياً من التوفيق بين رعاية الحرية وحماية النظام العام إذا كان تقدير هذا التناسب يقوم علي تقديرات جازمة للاضطراب أي مدى خطورة السبب في إجراء الضبط الإداري هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن يقوم تقدير التناسب علي تقدير الإجراء المتخذ، فيشترط أن يكون ضرورياً ولازماً لتفادي تهديد حقيقي للنظام العام(2).

Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى