مجلس كبار المستشارين دولة ليبيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التحكيم التجاري الدولي

اذهب الى الأسفل

التحكيم التجاري الدولي Empty التحكيم التجاري الدولي

مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 26, 2017 12:48 am

مقدمة:
ازدهر التحكيم التجاري الدولي بازدهار التجارة الدولية وارتبط بها، وقد وجد التحكيم التجاري الدولي من اجل التجارة الدولية ولحل مشاكلها.
وحين ازدهرت التجارة الدولية في القرون الوسطى من خلال اقامة المعارض والاسواق ، لاسيما في المانيا واسبانيا وهولندا وفرنسا وايطاليا، ظهر قانون عادات واعراف التجارة التي لا تعرف حدودا اقليمية Lex Mercatoria ، ولكن في بداية القرن التاسع عشر وبداية حركة التوحيد الجغرافي والسياسي وانتشار التقنيات الوطنية ، آفل نجم التحكيم التجاري الدولي اذ ادمجت اعراف التجار وعاداتهم في نصوص القوانين الداخلية لكل بلد ، وتميزت هذه الفترة بسيادة فكرة الوطنية وسيطرة النزعة الشوفنية فيما يتعلق بسلطات الدولة القضائية .
بعد الحرب العالمية الاولى ونتيجة لوعي المجتمع التجاري الدولي بأن مشكلة فض المنازعات التجارية الاجنبية كادت تتحول الى عقبة تعيق وتعرقل نمو حركة التجارة الدولية وتطورها وازدهارها، مما ادى الى تذليل العقبات عبر الاخذ بالتحكيم في تسوية المنازعات التجارية الدولية ، والتي اصبحت بين اشخاص القانون العام واشخاص القانون الخاص، فتتقاسمه الدول من جهة والتجار من جهة اخرى ، لاسيما بعد اكتشاف الثروات الطبيعية في بلاد العالم الثالث، وقد كانت حكومات تلك البلدان هي التي تعطي امتيازات الاستثمار للذين يستهلكون هذه المواد الطبيعية من نفط ومعادن وغير ذلك .
وكانت الشركات والتي كانت بعضها اقوى من الدول بقوتها المالية والاستثمارية هي التي تستثمر وتقوم بالتنقيب في بلدان العالم الثالث، فتوظف قليلا وتربح كثيرا"، وكانت تتمتع دائما بحماية الدول التي تنتمي اليها، وكانت المنازعات التي تنشأ بين تلك الشركات والدول النامية تجد حلا لها في التحكيم.
بعد الحرب العالمية الثانية وبعد فتح الابواب الدولية على بعضها البعض في حقول الاموال والخدمات والسلع والنقود، اصبح التحكيم التجاري الدولي حاجة يتطلبها واقع التجارة الدولية خاصة بين الدول الصناعية الكبرى التي تحركت بسرعة لوضع الاتفاقيات الدولية وذلك لتسهيل حركة التجارة الدولية.
ومع انتشار حركة المواصلات الحديثة ونمو قطاع الاتصالات ، اصبح تطور التجارة الدولية والتوظيف والاستثمار مرتبطا بضمان وسيلة امينة وحيادية لحسم المنازعات المرتبطة بالاستثمار والتجارة والتوظيف المالي .واخذ الفكر القانوني يبحث عن وسائل وسبل تسهل سرعة حركة التبادل التجاري وانتقال الاموال والخدمات، ولكن بشكل يزيل عنها الخوف ويعطيها الاطمئنان لتسير بخطى ثابتة وامنة . ونظرا" لعدم وجود قضاء دولي يفصل في النزاعات الخاصة بالتجارة الدولية التي تنشأ سواء بين اشخاص تابعين لدول مختلفة ، او بين دولة ما ورعايا تابعين لدولة اخرى. فان رجال الاعمال والاقتصاد والمستثمرين الدوليين يفضلون عادة التحكيم على اسلوب التقاضي امام المحاكم العادية، ذلك ان القضاء العادي يعرف بالتعقيد والجمود اللذين يحيطان به، نتيجة التزامه بقواعد واصول وبالتطبيق الدقيق للقواعد القانونية، مما يستغرق وقتا غير قصير للبت بالنزاع ، نظرا لكثرة القضايا المرفوعة امامه وللصعوبة وحتى الغموض في الحلول التي يقدمها لمشاكل تنازع القوانين. فكما لاحظ البعض ان من اسباب اهمية التحكيم في التجارة الدولية تجنب مشاكل التنازع الدولي للقوانين التي اصبحت مشكلة بشان الصفقات والعقود الدولية ذات ابعاد قانونية واقتصادية. فظهرت محاولات جادة لحلها عن طريق موضوعي، بفضل اجتهاد التحكيم، قوامه الدعوة الى خلق قواعد موضوعية مادية تطبق مباشرة على النزاع دون اللجوء الى قواعد التنازع .
واخذ المجتمع التجاري الدولي يلجأ الى التحكيم واجدا فيه الامان، ومن اجل ذلك اخذت
اتفاقيات التحكيم الدولية تبصر النور ومن بينها:
- بروتوكول جنيف لعام 1923 الخاص بشروط التحكيم، التي تم تحت اشراف عصبة الامم،
- اتفاقية جنيف لعام 1927 الخاصة بتنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية،
- اتفاقية نيويورك لعام 1958 المتعلقة بتنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية والتي تمت تحت اشراف الامم المتحدة،
- الاتفاقية الاوروبية بخصوص التحكيم التجاري الموقعة في جنيف عام 1961 والترتيبات المتعلقة بتطبيق هذه الاتفاقية عام 1962،
- الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات عن طريق التحكيم المتعلقة بالاستثمارات بين الدول ورعايا الدول الاخرى الموقعة عام 1965 بهمة ورعاية البنك الدولي للانشاء والتعمير والتي انشأت مركزا للتحكيم هو ICSID
- اتفاقية موسكو لعام 1972 بخصوص تسوية المنازعات عن طريق التحكيم بين الدول الاشتراكية ،
- اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول العربية الاخرى الموقعة عام 1974 وغيرها.

الفصل الاول: الاستثمار : تعريفه واطرافه ودوافع الطرف الاخر المستثمر في الاصرار على التحكيم.
اصبح موضوع التنمية في الدول النامية من اكثر القضايا الدولية الحاحا" في الوقت الراهن، ومع تزايد اهمية الاستثمار الاجنبي المباشر وغير المباشر في عملية التنمية الوطنية للبلدان النامية من خلال تنفيذ المشاريع الحيوية وادخال التكنولوجيا المتطورة ،فأن قضية جذب الاستثمارات اضحت من الاهمية بمكان بحيث شغلت المشرعين واستحوذت على اهتمام الباحثين، ودفعت الدول وبخاصة النامية منها ،الى بذل
وسعها في سبيل تحقيق افضل السبل من اجل الوصول الى تنمية مجتمعاتها .
وفي ظل ما يشهده العالم من زيادة في معدلات تدفق للاستثمارات الاجنبية تشير الدلائل
الى وجود منافسة قوية بين الدول النامية من اجل زيادة نصيبها من تلك الاستثمارات وفقا" لما جاء بنشرة (انوكتاد) مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية لشهر كانون الثاني
يناير 2007، وعلى الرغم من ان الدول النامية تبذل جهودا مشهودة في سبيل تحسين بيئات الاستثمار فيها ، فأن صافي التدفقات الاستثمارية اليها لا زالت تعد قليلة حيث بلغت عام 2006 نحو 247 مليار دولار اميركي، وفقا لتقديرات البنك الدولي في 29 ايار/ مايو2007 .وفي العام 2012 صرح جيمس رهان رئيس قسم الاستثمار والمشاريع في )اونكتاد ( ان صافي اجمالي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر –وهي بالأساس عمليات استحواذ على الشركات وتوسعات في الخارج- هبط الى 1.31 تريليون دولار في 2012 من 1.6 تريليون دولار في 2011 .
ووفقا" للأرقام الاولية للاونكتادUNICTAD ) (فان الدول الغنية شكلت 90% من ذلك الهبوط مع اجتذابها استثمارات بلغت 549 مليار دولار فقط في 2012 . وقد احتفظت الولايات المتحدة بالصدارة بين متلقي الاستثمارات الاجنبية المباشرة وبلغت 147 مليار دولار تلتها الصين ب 120 مليار دولار .
وبلغت حصة الدول النامية من الاستثمار الأجنبي المباشر 37% من الإجمالي العالمي وهو مستوى قياسي ومرتفع. وأبدى جيمس رهان تفاؤلا حذرا بشأن تدفقات الاستثمار الأجنبي في المستقبل القريب متوقعا ان ترتفع الى 4،1 تريليون دولار في العام 2013
و 6،1 تريليون دولار عام 2014 .
ولقد كان من ابرز السباق الاستثماري بين الدول النامية، إما لعدم قدرة تلك الدول على حسن استغلال مواردها، أو لقلة الخبرة التقنية، إما لعدم توافر الأموال اللازمة لذلك. من هنا كانت وجهة تلك الدول نحو الاستثمارات الأجنبية كأفضل الحلول المتاحة، من اجل إطلاق التنمية الوطنية وتخفيف المشكلات التي تعاني منها.
وقد أكد رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم انه من الضروري مساندة البلدان النامية عن طريق ضخ الاستثمارات في البنية التحتية الخاصة بقطاعي الصحة والتعليم وهو ما سيمهد الطريق لتحقيق نمو قوي في المستقبل .
من جهته أكد كوشيك باسو نائب رئيس البنك الدولي ورئيس الخبراء الاقتصاديين ضرورة محاولة إتباع حكومات البلدان مرتفعة الدخل سياسة مالية جديدة تكون أكثر استدامة . وان تقاوم البلدان النامية محاولة التكهن بكل تقًلب في البلدان المتقدمة، وان تضمن بدلا" من ذلك قوة ومرونة سياساتها المالية والتقنية أمام الأوضاع المحلية.
وأشار أيضا أن البنك الدولي قدر نمو الناتج المحلي العالمي بنحو 2.3% عام 2012.
متوقعا" ان يبقى في حدود 2.4% في العام 2013. ثم يسجل 5.7% و 5.8%في عامي 2014 و2015 . أما الدول النامية فحققت عام 2012 , 5.1% ومتوقعا عام 2013 ، 5.5% ثم يسجل 5.7% و 5.8% في عامي 2014 و2015 على التوالي.
اولا" : تعريف الاستثماروالمستثمر وعوائد الاستثمار وفقا للاتفاقيات الثنائية والجماعية :
نشير بالبداية بأن منظمو اتفاقية واشنطن لعام 1965 قد اغفلوا عن قصد إعطاء تعريف دقيق لتعبير الاستثمار وذلك للصعوبة الموجودة بصدد تحديد هذا المفهوم الاقتصادي ولتعدد القوانين المطبقة في البلاد المنضمة إلى الاتفاقية .
عرفت الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية ، الاستثمار في (المادة 1 الفقرة 6) بأنه استخدام رأس المال العربي في إحدى مجالات التنمية الاقتصادية بهدف تحقيق عائد في إقليم دولة طرف غير دولة جنسية المستثمر العربي أو تحويله إليها لذلك الغرض.
أما رأس المال العربي فقد عرفته الاتفاقية في ( المادة 1، الفقرة 5) بأنه المال الذي يملكه المواطن العربي ويشمل كل ما يمكن تقويمه بالنقد من حقوق مادية ومعنوية بما في ذلك الودائع المصرفية والاستثمارات المالية.
أما المستثمر العربي فقد عرفته الاتفاقية في (المادة 1 الفقرة 7) بأنه المواطن العربي الذي يملك رأسمالا" عربيا ويقوم باستثماره في إقليم دولة طرف لا يتمتع بجنسيتها.
اما اتفاقية تشجيع وحماية وضمان الاستثمارات بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي، فقد عرفت الاستثمار في (المادة 1الفقرة 5) بانه استخدام رأس المال في احدى المجالات المسموح بها في اقليم متعاقد بقصد تحقيق عائد مجزي او تحويله اليه لذلك الغرض وفقا لأحكام هذه الاتفاقية،
اما المستثمر فقد عرفته الاتفاقية عبر(المادة 1الفقرة6) بانه حكومة اي طرف متعاقد أو الشخص الطبيعي او المعنوي التابع لأي طرف متعاقد والذي يمتلك رأس المال ويقوم باستثماره في اقليم طرف متعاقد آخر وتحدد التبعة على النحو التالي:
- الشخص الطبيعي: كل فرد يتمتع بجنسية دولة طرف حسب احكام قانون الجنسية السائد فيها،
- الشخص المعنوي: كل كيان نشأ وفقا للقوانين المرعية في اي طرف متعاقد ويعترف له القانون الذي ينشأ في ظله بالشخصية القانونية.
اما رأس المال: فقد عرفته الاتفاقية عبر (المادة 1 الفقرة4) بانه كافة الاموال ويشمل ذلك كل ما يمكن تقويمه بالنقد المملوكة لطرف متعاقد بالاتفاقية او رعاياه من الاشخاص الطبيعية او المعنوية والكائنة في اقاليم طرف متعاقد اخر سواء جولت اليه او اكتسبت فيه وسواء كانت ثابتة او منقولة او كانت نقدية او عينية او كانت مادية او معنوية وكافة ما يتعلق بهذه الاموال من حقوق ومطالبات ويشتمل ذلك الارباح الصافية الناجمة عن الاموال والحصص الشائعة والحقوق المعنوية.
وقد عًرف اتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات بين مصر والنمسا مصطلح الاستثمار عبر (المادة 1 الفقرة1) بانه كافة الاصول وعلى وجه الخصوص وليس على سبيل الحصر:
- الملكية المنقولة وغير المنقولة واي حقوق ملكية اخرى كالرهونات وامتيازات الدين او ضمانات الدين وحق الانتفاع والحقوق الاخرى المشابهة،
- الاسهم واشكال المساهمات الاخرى في الشركات
- المطالبة بالأموال التي تم تسديدها بغرض خلق قيمة اقتصادية او المطالبة لأي اداء ذو قيمة اقتصادية،
- حقوق الملكية الفكرية والصناعية طبقا لتعريفها في( الويبو) WIPO
- امتيازات الاعمال التي تمنح بموجب القانون العام للبحث عن ،واستخراج واستغلال الموارد الطبيعية،
ويعني مستثمر وفق (المادة1 الفقرة 2) :
أ‌- اي شخص طبيعي يحمل جنسية اي من الطرفين المتعاقدين ويستثمر في ارض الطرف المتعاقد الاخر،
ب- اي شخص اعتباري او شركة منشأة طبقا لقانون احد الطرفين المتعاقدين وله مقر في اقليمه ويقوم بالاستثمار في اقليم الطرف المتعاقد الاخر
ج- اي شخص اعتباري او شركة منشأة طبقا لقانون الطرف المتعاقد او طرف ثالث ، والتي يمارس عليها المستثمر في البندين (أ ، ب) تأثير مستمر،
ويعني مصطلح " عوائد" وفق (المادة 1الفقرة 3) المبالغ التي يحققها الاستثمار وتشمل على وجه الخصوص : الارباح ، الفوائد، المكاسب الرأسمالية، توزيع الاسهم ، الاتاوات الرخص والاتعاب الاخرى.
وتعني عبارة الاستثمار وفق (المادة 1الفقرة 1) من الاتفاقية الموقعة بين السودان والمغرب بشأن تشجيع وحماية الاستثمارات ، بانه كل انواع الاصول التي يمتلكها احد مستثمري طرف متعاقد وتستثمر في اقليم الطرف المتعاقد الاخر وفقا للقوانين والانظمة المعمول بها في كل منهما وعلى وجه الخصوص:
أ‌- الاملاك العقارية والمنقولة والرهون العقارية وحقوق الامتيازات والرهون،
ب‌- الاسهم والسندات وكل اشكال المساهمات في الشركات،
ج-الاستحقاقات النقدية أو اية حقوق تعاقدية ذات قيمة مالية،
د- حقوق الملكية الصناعية والفكرية وتشمل حقوق النشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والتصاميم الصناعية والمعرفة التقنية واية حقوق اخرى مماثلة،
ه- الامتيازات المخولة بموجب القانون أو بمقتضى عقد بما في ذلك امتيازات التنقيب عن الموارد الطبيعية واستخراجها او استغلالها، وأي تغيير يطرأ على الشكل الذي استثمرت به الاصول لا يؤثر على طابعها الاستثماري.
وتعني عبارة مستثمر وفق ( المادة 1 الفقرة 2) ،
أ‌- كل شخص طبيعي يحمل الجنسية المغربية أو الجنسية السودانية طبقا للقانون المعمول به في كل من الطرفين المتعاقدين،
ب‌- كل شخص اعتباري تأسس طبقا للقانون المعمول به في اقليم كل من الطرفين المتعاقدين ويوجد مقره في اقليم هذا الطرف المتعاقد الاخر.
وتعني عبارة عوائد وفق(المادة 1 الفقرة 3) المبالغ الصافية الناتجة عن الاستثمارات وخاصة منها الارباح والفوائد وارباح الاسهم والاتاوات والاتعاب.
ثانيا": دوافع وحاجات الاطراف المستثمرة للضمانات وفي الاصرار على التحكيم:
ان فكرة الحماية القانونية والضمانات التي تتحقق من خلالها تعد ابرز الاسباب التي تجعل المستثمر الاجنبي يقرر الى اين ستكون وجهته في الدول النامية. وتتمثل تلك الحماية من المخاطر التي يمكن ان يتعرض لها المستثمر في البلد المضيف من اضطرابات سياسية، ومخاطر الحروب ، واعمال تمييزية بحقه، ومن تأميم ، وقيود مفروضة على التحويلات ، وتحامل القضاء الوطني ضده .
مما حدا بالدول النامية الى اجراء تغييرات ملحوظة على قوانينها الوطنية المتعلقة بتحفيز الاستثمار وحمايته، وعلى عقد الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بتشجيع وحماية الاستثمارات الثنائية، والانضمام الى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتنفيذ قرارات التحكيم الاجنبية، او الاتفاقيات المتعلقة بالتحكيم بقضايا الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الاخرى.
لأن الضمانات الداخلية للاستثمار غير كافية لمنح الطمأنينة الكاملة للمستثمرين ، فالتخوف من عدم كفاية تلك الضمانات والقلق من بسط سلطان الدولة ، كانا من اسباب البحث عن ضمانات دولية تحمي الاستثمارات الاجنبية ،وتفرض قوتها على اطراف عملية الاستثمار وذلك لتحقيق التوازن القائم على تلبية مصالح الطرفين : الدولة المضيفة للاستثمار والمستثمر الاجنبي ، مما يؤدي في النهاية الى خلق مناخ استثماري يكون عاملا اساسيا في تدعيم مصالح التجارة الدولية. كما ان عقود الاستثمار الدولية تستمر عادة فترة طويلة من الزمن تتغير خلالها ظروف الاستثمار من الناحية الاقتصادية والسياسية، مما يدفع بالأطراف المتعاقدة الى المفاوضات والتي غالبا ما تفشل وتنشأ النزاعات ، وان اللجوء الى القضاء الوطني لتسوية النزاع ينظر اليه من المستثمر بعين الريبة والخوف من تحيز القضاء الوطني لصالح الدولة المضيفة وعلى حساب المستثمر، لذلك كله كان اللجوء الى التحكيم الدولي .
ومن العوامل المهمة التي تدخلها الدول النامية كدول مضيفة للاستثمار في قوانينها لطمأنت المستثمرين نذكر منها ما يلي:
- الحوافز اللازمة لجذب الاستثمار الاجنبي في البيئة الاقتصادية الشاملة ، من تطور للاقتصاد وحجم السوق ومدى وفرة المواد الاولية، وتحقيق الاستقرار السياسي والمالي والاقتصادي.
-موائمة القوانين الداخلية مع القوانين الدولية لجهة اجراء التعديلات المناسبة في التشريعات الاستثمارية والقضاء بشكل خاص.
واذا اخذنا مثالا الاتفاقية الموقعة بين السودان والمغرب حول تشجيع وحماية الاستثمار فان المادة 8 تنص على انه يسوى النزاع بالتوفيق، واذا تعذر تسوية النزاع بالوفيق في ظرف 6 اشهر يعرض النزاع باختيار المستثمر:
- اما على محكمة مختصة للطرف المتعاقد الذي انجز الاستثمار في اقليمه،
- او على محكمة الاستثمار العربية وذلك وفق احكام الفصل السادس من الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية وملحقها الذي وافق عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في 10-9-1980 ، ويعتبر هذا الاختيار نهائيا وملزما للمستثمر.
- لا يمكن لاحد الطرفين المتعاقدين ، ان يثير اعتراضا في اي مرحلة من اجراءات التحكيم او تنفيذ قرار تحكيمي بدعوى ان مستثمر الطرف الاخر في النزاع قد حصل على تعويض يغطي جزئيا أو كليا خسائره بموجب تأمين.
- تتخذ هيئة التحكيم قراراتها استنادا للقانون الوطني للطرف المتعاقد ، الطرف في النزاع الذي يتم الاستثمار في اقليمه وكذا القواعد المتعلقة بتنازع القوانين واحكام هذا الاتفاق والاتفاقات الخاصة التي تكون قد ابرمت بشأن الاستثمار وكذا مبادئ القانون الدولي.
- تعتبر قرارات التحكيم نهائية وملزمة بالنسبة لطرفي النزاع ويلتزم كل طرف متعاقد بتنفيذها طبقا لقانونه الوطني.
اما المادة التاسعة من الاتفاقية فتتكلم عن تسوية النزاعات بين الطرفين المتعاقدين مستلهمين المادة 64 من الفصل السادس المتعلقة بالخلافات بين الدول المتعاقدة من
ال ICSID ، والتي تنص على النزاع ممكن ان ينشأ بين الدول المتعاقدة من حيث تفسير او تطبيق الاتفاقية الحالية، ولم يتسنى حله بالطرق الودية ، يعرض على محكمة العدل الدولية بناء على طلب اي طرف في النزاع وذلك ما لم يتفق الاطراف المعنية على اجراء اخر لتسويته،
اما بالنسبة للاتفاقية الموقعة بين السودان وسلطنة عمان فتنص المادة العاشرة المتعلقة بتسوية المنازعات بين مستثمر وطرف متعاقد على ما يلي: تتم تسوية اي نزاع بشأن الاستثمار بين احد الطرفين المتعاقدين ومواطن او شركة من الطرف المتعاقد الاخر بصورة ودية بين الطرفين المعنيين.
اذا لم تتم تسوية النزاع خلال 6 اشهر من تاريخ نشوئه ، يحال وبناء على طلب أي من طرفي النزاع الى التحكيم بواسطة مركز الاكسيد .اما بخصوص تسوية المنازعات بين الطرفين المتعاقدين فتستلهم نص المادة 64 من الاكسيد المذكورة سابقا.

ثالثا" :عقود الدولة المستمدة من شرط التحكيم لتسوية المنازعات الناشئة بين الدولة والشخص الاجنبي المتعاقد معها.
تتميز العقود المبرمة بين الدولة أو الاجهزة التابعة لها، وطرف اجنبي ، بأن المنازعات الناشئة عنها، يختص التحكيم بالفصل فيها، على نحو يمكن القول معه ان التحكيم يعتبر الجهة المعتادة للفصل في المنازعات الناشئة عن هذه العقود وذلك على الرغم من الاتجاه العدائي لنظام التحكيم من جانب بعض الدول التي تحرم على نحو قاطع وصريح قبول شرط التحكيم ليس فقط على الصعيد الدولي بل وعلى الصعيد الوطني ايضا".
وهناك بعض الدول لا توجد لديها نصوص صريحة قاطعة تحدد الجهات القضائية المختصة بهذه المنازعات الناجمة عن عقود الدولة، مما يؤدي الى انعقاد الاختصاص للمحاكم الوطنية، اما للمستثمر الاجنبي او للدولة المتعاقدة، او اللجوء الى الطريق الذي نص عليه العقد كوسيلة لتسوية المنازعة، وهناك دول لديها قوانين خاصة بالاستثمار الاجنبي وتضمن هذه القوانين قواعد صريحة تعالج التحكيم على نحو لا تطرح معه مسألة حق الدولة في قبول شرط التحكيم، وبعض هذه القوانين تقبل التحكيم ad hoc (الحر) والبعض الاخر يقبل الى جانب ذلك التحكيم امام مركز ال ICSID المؤسسي 0
1- اسباب لجوء الاطراف المتعاقدة في عقود الدولة الى التحكيم.
القضاء الوطني للدولة المتعاقدة وأيا" ما كانت المزايا التي يتمتع بها من استقلال وحياد عن الدولة ذاتها، فانه في نهاية المطاف قضاء عير محايد بالنسبة للمنازعات التي تكون الدولة أو احد اجهزتها طرف فيها مع متعاقد اجنبي وتكون ناشئة عن عقد متصل بالمصالح الاقتصادية او الاجتماعية
وبسيادة الدولة.
ودرأ هذا الخطر الكامن في انحياز القضاء الوطني للدولة المتعاقدة لمصالحها، لن يكون الاً بسلب الاختصاص منه، ومنحه الى قضاء اخر محايد هو التحكيم، وهو الهدف الذي تتمسك به الاطراف الاجنبية المتعاقدة مع الدولة وتصر عليه ولو على حساب عدم اتمام التعاقد .
ان ادراج شرط التحكيم في عقود الدولة بالإضافة الى تضمين قوانينها الوطنية نصوصا" صريحة تقضي بقبول شرط التحكيم يعد في رأي جانب من الفقه وسيلة لتشجيع الاستثمار الاجنبي في الدول النامية.
ولقد ذهب جانب من الفقه بالنظر الى ذاتية التحكيم في عقود الدولة الى لفت الانتباه الى ان نظام التحكيم يجب ان لا يقتصر فقط على تشجيع الاستثمار بل يجب ايضا ان يأخذ بعين الاعتبار المصالح المشروعة لكل من طرفي العقد: الدولة والمستثمر الاجنبي .

1- الاشكال المتنوعة للاتفاق على التحكيم في عقود الدولة:
لا تختلف العقود المبرمة بين الدولة والطرف المتعاقد معها ، عن العقود الاخرى المبرمة في اطار التجارة الدولية من حيث النص في العقد على اللجوء الى التحكيم لتسوية المنازعات الناجمة عن العقد المبرم سواء فيما يتعلق بتفسيره او تطبيقه وتختلف الاشكال الخاصة بالتحكيم فقد يكون تحكيم ad hoc (حر) او تحكيم مؤسسي.
أ‌- تحكيمad hoc ( حر)
فقد تتفق الاطراف المتعاقدة على انه في حالة نشأة النزاع بينها، تختص هيئة تحكيم يتم تعيينها في العقد او يعهد الى هيئة دولية كمحكمة العدل الدولية مثلا بتعيينها، ويعرف هذا التحكيم – بتحكيم ad hoc (حر).
ب‌- تحكيم مؤسسي:
كذلك قد تلجأ الاطراف الى غرفة التجارة الدولية في باريس مثلا للتحكيم فيما قد ينشأ بينها من منازعات ، او الى مركز الاكسيد التي انشأته اتفاقية واشنطن عام 1965، علما ان المادة 25 من اتفاقية واشنطن تنص على ان المركز يختص بنظر المنازعات القانونية التي قد تنشأ بين المستثمر والدولة المتعاقدة معه أو احد اجهزتها التابعة لها التي تعًينها امام المركز، والتي تكون متصلة اتصالا" مباشرا" بالاستثمار ، وذلك في حالة رضا الاطراف الكتابي بالخضوع لاختصاص المركز بالإضافة الى كون المستثمر تابعا لدولة مصدقة او منضمة لمعاهدة واشنطن لعام 1965، ويجب ايضا ان تكون الدولة المتعاقدة مصدقة او منضمة لاتفاقية واشنطن .


Admin
Admin

المساهمات : 57
تاريخ التسجيل : 24/05/2017
الموقع : البيضاء - ليبيا

https://aladellabya.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى